فلسطين أون لاين

بادر بإيصاله لمشتهيه في الضفة

يصحو على رائحته.. الكعك المقدسي "فيزا" رحلات "أبو عيشة" المسرحية

...
القدس المحتلة- غزة/ هدى الدلو:

بعدما تسللت رائحة الكعك المقدسي الشهية للمستمعين عبر أثير إذاعة محلية في أثناء لقاء مع الفنان حسام أبو عيشة، الذي يقع منزله بين أشهر ثلاثة أفران تصنع الكعك في البلدة القديمة، لتفرض رائحته أن يكون حاضرًا يوميًّا على مائدة الإفطار؛ وصلت إليه أمنيات المستمعين الذين يستحيل وصولهم إلى المدينة المقدسة بتناولهم الكعك المقدسي، لتنطلق منه مبادرة عفوية لتحقيق رغباتهم بالتعاون مع إذاعة يبوس المحلية.

الفنان المقدسي أبو عيشة من مواليد القدس عام 1959، يقع منزله بين ثلاثة أفران للخبز والكعك المقدسي في البلدة القديمة، تحديدًا في حارة السعدية التي تبعد 70 مترًا فقط عن باب المسجد الأقصى المبارك، و150 مترًا عن كنيسة القيامة.

ردود فعل المستمعين التي وصلت إليه دفعته لإطلاق مبادرة إيصال الكعك المقدسي مجانًا، لمن لا يستطيع الوصول إليه من مدن الضفة الغربية المحتلة.

يقول أبو عيشة لصحيفة "فلسطين": "نشأت في هذه البيئة التي تعبق برائحة الكعك المقدسي، وارتبطت حياتي بالأفران الثلاثة وما تصنعه من خبز وكعك وصفيحة بأنواع مختلفة والباذنجان المشوي، والصواني المحمرة بأشكالها، والكعك والمعمول اللذين ينشط إعدادهما بالأعياد ورمضان ويدفع الناس للتوافد على الأفران، ما يخلق جوًّا دافئًا حميمًا شكل لي نوعًا من الخميرة".

عن تلك العجينة التي يكتسي وجهها بالسمسم وتكتسب اللون الأحمر بعد إدخالها للفرن يتحدث: "هذا الكعك معروفة به مدينة القدس تحديدًا دون أي مدينة أخرى، صحيح موجود منه في رام الله وبيت لحم وغزة وغيرها من المدن، لكنه في القدس يشكل هوية وجزءًا من التراث الثقافي والاجتماعي المقدسي، فهو الوجبة الشعبية الأولى لأهل القدس وزوار المدينة، والطعام الأساسي لوجبة الإفطار".

ويوضح أبو عيشة أنه قبل أزمة فيروس كورونا، وبناء جدار الفصل العنصري كان يصطحب معه في جولاته المسرحية المختلفة إلى نحو 54 دولة الكعك في سفره، يحمل بيد حقيبة ملابس، وبالأخرى حقيبة تمتلئ بالكعك لمحبيه الذين يفتقدونه.

وخلال تنقله في معظم مدن الضفة الغربية لتصوير مسلسل أو أداء عرض مسرحي يصطحب معه الكعك المقدسي، ليفطر مع الجهة التي تنتظره ووجهت الدعوة إليه، فكان الكعك يمثل له جزءًا من "فيزا" التحرك والتنقل من القدس إلى أي جهة أخرى، ولكن بعد بناء جدار الفصل العنصري تشتتت العائلات؛ فأصبح المواطن يتوق لأن تطأ قدماه مدينة القدس.

ويشير أبو عيشة إلى أنه يحاول أن يركز في منشوراته وتواصله عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي على القدس مدينةً وهويةً وشعبًا وحضارةً وتراثًا وتاريخًا وديانات، ومن تفاعل المتابعين له عرف مدى اهتمام الناس بالكعك، ليس لكونه نوعًا من الإفطار، بل لريحته الشهية التي تشبه المسجد الأقصى بكل مكوناته.

يتابع: "وبعيدًا عن السياسة إني أرى أن الكعك المقدسي من شأنه أن يوحد الشعب الفلسطيني أطيافه كافة في الأجواء السياسية المحبطة التي نعيشها، أيضًا هذا المنتج المقدسي يستطيع أن يصمد دون تلف مدة عشرة أيام، وبذلك هو يعبر عن صمود أهل هذه المدينة في وجه كل الظروف، وله سمة ورمزية مهمة جدًّا في مدينة القدس".

وكان تفاعل أهالي الضفة كبيرًا مع هذه المبادرة التي تحمل رسالة بسيطة بإيصال الكعك المقدسي لكل محبيه ومشتهيه، "أما على الصعيد السياسي فإنها تثبت أن الفلسطينيين شعب واحد بينه عيش وملح أو كعك ملح، فالقدس أم المدن ومدينة الله على الأرض، وأقرب نقطة للسماء ومهبط الأنبياء والرسل، ومسرى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، ومهد سيدنا المسيح، كل هذه المعاني تحملها الكعكة" يختم أبو عيشة حديثه.