تنفذ سلطات الاحتلال الإسرائيلي حملة أمنية واسعة وتمارس ضغوطات مختلفة على أهالي النقب داخل الأراضي المحتلة عام 1948، انتقامًا لمشاركتهم في "هبة الكرامة" الأخيرة نصرة للقدس والمسجد الأقصى المبارك ورفضًا للعدوان الإسرائيلي على غزة.
وبحسب رواية أهالي النقب، فإن الاعتقالات الإسرائيلية لم تتوقف منذ الهبة في مايو/ أيار الماضي، بل صاحبها سلسلة إجراءات إسرائيلية عنصرية.
وكان المئات من جنود الاحتلال، اقتحموا، أول من أمس، مناطق بالنقب بذريعة "مكافحة الجريمة في الوسط العربي"، في عملية هي الثالثة في غضون ستة أسابيع.
وقال وزير أمن الاحتلال الداخلي عومر بارليف: "انتقلنا من الدفاع إلى الهجوم، من يعرض حياتك للخطر، لا تنتظر أن يصل إليك، يجب أن تأتي إليه إلى البيت وتهاجمه".
"حرب غير مسبوقة"
وأكد رئيس "المجلس الاقليمي للقرى غير المعترف بها إسرائيليًّا" في النقب الشيخ عطية الأعسم، أن حكومة الاحتلال تمارس حربًا غير مسبوقة ضد النقب منذ "هبة الكرامة".
ودلل الأعسم في حديثه لصحيفة "فلسطين"، باعتقال قوات الاحتلال مئات الفلسطينيين على خلفية مشاركتهم في الحراك الجماهيري لفلسطينيي الـ48.
وأشار إلى أن "المتطرفين اليهود" يحرضون حكومتهم على ما يسمونه "حسم الأمور" في النقب المحتل، بزعم أن "العرب يحكمونه وليس (إسرائيل)، حتى إنهم (اليهود) دعوا لاحتلاله مجددًا وكأنها ليست محتلة".
وأوضح الأعسم أن الهدف الإسرائيلي من وراء حملتهم الأمنية هو دفع أهالي النقب للرحيل من أراضيهم، والقبول بمقترح إسرائيلي يقضي بتجميعهم في مساحة محددة من الأرض والاستيلاء على بقية أراضيهم، "وهو أمر مرفوض، وندرك أنهم يمارسون البطش والترهيب والملاحقة وهدم البيوت لإرغامنا على الموافقة".
واتفق المسؤول الميداني للمجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، معيقل الهواشلة، مع سابقه، بأن هناك هجمة إسرائيلية شرسة ضد النقب في عدة اتجاهات، منها محاولة إقامة سكك قطار ومعسكرات جيش وغيرها من المرافق عبر أراضيهم.
وأشار الهواشلة لصحيفة "فلسطين" إلى الاقتحامات العسكرية لقرية أبو تلول عبر إنزال جوي؛ بزعم مكافحة الجريمة، وكذلك اقتحام خربة وطن وهدم عدة بيوت لعشيرة أبو عنزة.
وقال إن هناك ضغطًا كبيرًا من "اليمين المتطرف الإسرائيلي" لدفع أهالي النقب للتخلي عن أراضيهم.
ثمن باهظ
ومن طرق محاربة أهالي النقب -وفق الهواشلة- عدم وجود أي بنية تحتية في قراهم حتى التي اعترف الاحتلال بها، فلا ماء ولا كهرباء فيها، في حين توجد إخطارات لهدم عدة قرى غير معترف بها كالبقيعة وتل عراد.
ولفت إلى أن وجهاء النقب توجهوا مع مركز "عدالة" القانوني لمحاكم الاحتلال للدفاع عن حقوقهم، لكنهم "يدركون أن هذه المحاكم لن تنصفهم".
ونبه إلى أن زيادة أعداد أهالي النقب هو أمر يثير غضب حكومة الاحتلال، موضحًا: "نحن اليوم قرابة 300 ألف مواطن على 3% فقط من مساحة النقب البالغة 12 مليون و800 ألف كيلو متر مربع".
وأكد أن أهالي النقب كجزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني يدفعون ثمنًا غاليًا جدًّا لصمودهم في أرضهم، فيحرمون من جميع حقوقهم الإنسانية وأولها حقهم في السكن فهم ما زالوا يسكنون في خيام وبركسات، في حين يهدم الاحتلال 2500 منزل لهم كل عام.
وإزاء ذلك، شدد الهواشلة على ضرورة مواصلة الصمود في أراضينا المحتلة؛ للحيلولة دون تنفيذ المخططات الإسرائيلية.