تعيش عائلات أربعة أسرى مضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي، حالة من القلق والخوف الشديدين على أبنائهم في ظل تدهور حالتهم الصحية وتعنت سلطات الاحتلال في الاستجابة لمطالبهم بإنهاء اعتقالهم الإداري، ولكن ما يجعل قلوب ذويهم تعتصر ألمًا هو صم السلطة في رام الله لآذانها عن معاناتهم بشكل صادم.
ويواصل 4 أسرى في سجون الاحتلال، إضرابهم المفتوح عن الطعام رفضًا لاعتقالهم الإداري، وهم كايد الفسفوس، المُضرب منذ 131 يومًا، وهشام أبو هواش منذ (98 يومًا)، وعياد الهريمي منذ (61 يومًا)، ولؤي الأشقر مضرب منذ (43 يومًا).
يموتون ببطء
حلا الفسفوس "زوجة كايد" عادت من زيارة لزوجها أول من أمس بحالة نفسية صعبة بعد ما لمسته من تدهور خطير في وضعه الصحي جعلته عاجزًا عن أي فعل سواء حركة أو كلام، فهو عاجز حتى عن شرب الماء.
وإزاء صمود الفسفوس وتصميمه على مواصلة إضرابه حتى الحرية أو الشهادة، فإن الاحتلال يبدي تعنتًا كبيرًا في الاستجابة لمطالبه، "فلم يُعرض عليه أي عروض لإنهاء إضرابه رغم أنه وصل لليوم الـ131 للإضراب"، تقول الفسفوس لصحيفة "فلسطين".
وتبين أن زوجها في مستشفى "عزل الرملة" دون مرافق رغم أنه لا يقوى على الحركة، "كايد ينازع والكل يتفرج عليه، فهو يعاني آلامًا شديدة في مختلف أنحاء جسده وبداية تجلطات في الدم".
فالوضع الصحي المتدهور لكايد جعل زوجته تُحجم عن اصطحاب ابنتهما الوحيدة "جوان" لزيارته، "فالوضع النفسي لابنتنا غاية في الصعوبة وقد أوصت معلماتها في المدرسة بإخضاعها لعلاج نفسي بعد أن تدهور مستواها الدراسي".
وتشير الفسفوس إلى أنها باتت عاجزة عن التخفيف عن جوان التي لا تكف عن التفكير في وضع والدها، "فجأة تنهار بالبكاء وتخبرني بأنها خائفة على أبيها.. ما باليد حيلة فكايد مصمم على عدم إضاعة كل هذه المدة الطويلة من الإضراب دون تحقيق انتصار".
من سيئ إلى أسوأ
ولا يختلف الحال كثيرًا لدى عائلة الأسير المضرب هشام أبو هواش، يقول شقيقه عماد إن وضع هشام الصحي من سيئ إلى أسوأ، في حين يبدي جهاز (الشاباك) الإسرائيلي تعنتًا في الإفراج عنه وعن المضربين، يفسرها بأنها رغبة منهم في طي صفحة الإضراب عن الطعام لوقف الاعتقال الإداري مرة واحدة وللأبد.
ويبين أن من هذا التعنت رفض الاحتلال نقله لمستشفى مدني رغم أنه من المفترض أن يتم ذلك منذ اليوم الأربعين لإضرابه، "حالته الصحية بالغة السوء وهناك هبوط في البوتاسيوم في الدم وهو ما يقلقنا لكوننا نعاني مشكلات وراثية في الكلى، وقد فقد الوعي أكثر من مرة في أثناء زيارة المحامين له".
وما يزيد قلق العائلة أنها جميعًا ممنوعة أمنيًّا من دخول الأراضي المحتلة عام 1948، فلم تزُره سوى زوجته لمرة واحدة بتصريح من اللجنة الدولية الصليب الأحمر، وما يقلقهم أكثر هو خضوع ابنه عز الدين لعمليتين جراحيتين ومن المقرر أن يخضع لعملية ثالثة لوجود مشكلات في الكلى في ظل غياب أبيه.
واستنكر أبو هواش صمت السلطة على ما يجري بحق الأسرى المضربين، قائلًا: "لقد راسلتُ 70 سفارة وقنصلية حول وضع شقيقي في سجون الاحتلال، وهذا في الأصل عمل وزارة الخارجية في رام الله لكنهم غير مهتمين لوضع الأسرى المضربين".
وقال: "لا أفهم كيف لم تستغل السلطة حادثة إضراب ستة معتقلين لإثارة قضية الأسرى عالميًّا حتى إن كثيرًا منهم لا يعرف أحد عنهم شيئًا، ماذا تفعل طواقم السلطة الهائلة من الموظفين؟ هناك تقصير مرعب".
ويتفق جمال الهريمي "والد الأسير المضرب عياد" مع سابقيْه في القلق الشديد على حياة ابنه الذي يقاسي الإهمال الطبي في مستشفى عزل الرملة، حتى لم يعد قادرًا على الحركة، "المحامون أخبرونا بسوء وضعه الصحي حتى أنه يعاني غبشًا في الرؤية".
وينتقد الهريمي في حديثه لـ"فلسطين" بشدة تقصير السلطة والمؤسسات الدولية في إغاثة الأسرى المضربين، يقول: "لجأت للصليب الأحمر فكان جوابهم أنه ما بيدهم شيء لفعله، إذا كانوا هم لا يستطيعون فعل شيء في القضايا الموكلين فيها فماذا بإمكان أهالي المضربين أن يفعلوا؟!".
في حين لم يجد سامي الأشقر "والد الأسير لؤي" كلمات تعبر عن قلقه على مصير نجله المضرب عن الطعام، خاصة في ظل تهديد مخابرات الاحتلال له بأنها ستمدد له المرة تلو المرة إذا لم يكسر إضرابه.
ويستدرك بالقول: "لكن لؤي مصمم على موقفه بأنه لن يكسر إضرابه إلا بالإفراج عنه، رغم صعوبة وضعه الصحي"، مستنكرًا الصمت المطبق للسلطة على الرغم من كل مناشدات أهالي المضربين لها، والعجز الكبير للصليب الأحمر والمؤسسات الدولية، "ناديناهم كثيرًا ولكن لا حياة لمن تنادي".