فلسطين أون لاين

يقوم عليه البروفيسور قمصية حفظًا للتنوع الحيوي

متحف التاريخ الطبيعي.. مشروع مقاومة لاستدامة الإنسان والبيئة الفلسطينيَّيْن

...
غزة/ هدى الدلو:

منذ صغره كان متابعًا شغوفًا لخاله الدكتور سنا عطا الله ومرافقًا له في أبحاثه في الميدان، دفعه ذلك لحب الطبيعة الفلسطينية، إلا أن وفاة من أخذ بيده إلى سحر الطبيعة في حادث سير، دفعته لتكريس حياته سائرًا على خطى خاله متوجًا إياها بإنشاء معهد فلسطين للتنوع الحيوي والاستدامة.

ويشمل المعهد متحف فلسطين للتاريخ الطبيعي والحديقة النباتية، وهو مشروع متكامل وناجح برؤية تشمل استدامة للإنسان والطبيعة الفلسطينيين، كما يقول الدكتور مازن قمصية.

والبرفيسور الفلسطيني قمصية، من بلدة بيت ساحور شرقي مدينة بيت لحم، وهو حاصل على درجتي الماجستير والدكتوراة في الولايات المتحدة الأمريكية في مجالات التنوع البيولوجي، تدريب ما بعد الدكتوراه في علم الوراثة الطبية، وعمل في الولايات المتحدة لعدة سنوات في جامعات مشهورة مثل "ييل ودوك"، ليترك كل هذه الإغراءات ويعود إلى وطنه فلسطين عام 2008.

نشر قمصية نحو 200 بحث علمي والعديد من الكتب والعديد من فصول الكتب، وحائز على العديد من الجوائز لعمله على حقوق الإنسان والبيئة.

يقول لصحيفة "فلسطين": "عدت لأنني شعرت بالحاجة الماسة هنا أكثر من الولايات المتحدة، ولقد أنشأت بالفعل عددًا من المنظمات في الولايات المتحدة التي تساعد فلسطين وحقوق الإنسان، ومع ذلك يمكنني أنا وزوجتي هنا العمل بشكل أفضل خاصة مع فئة الشباب".

ويضيف: "ببنائي هذا المتحف، أتبرع بمدخراتي لفلسطين، متطوعًا بوقتي للعمل فيه طيلة أيام الأسبوع".

عاد قمصية إلى فلسطين يحمل تصورًا حول استدامة الشعب الفلسطيني على أرضه تاريخيًا وبيئيًا، ولم يكن تصوره في هذا المجال متنوعا كما هو حاله اليوم، مثل التراث الثقافي، والزراعة والحديقة النباتية والمجتمعية.

ويشير إلى أن أفكاره تطورت بسبب الحاجة إليها، وارتباطها بالتنوع الحيوي والبيئة الفلسطينية، وعدها مشاريع مقاومة تساعد في بقاء الإنسان الفلسطيني على أرضه في ظل إصرار الاحتلال الإسرائيلي على اقتلاعه، وتهويد تراثهم الطبيعي.

بحث وتعليم وحفظ

ومتحف فلسطين للتاريخ الطبيعي، يقوم على عدة محاور، ويوضح قمصية أنهم منخرطون في أنشطة تتراوح بين البحث والتعليم والحفظ وإنتاج استراتيجيات وخطط عمل تتصدى لتغير المناخ بما يعين على حفظ التنوع البيولوجي.

ويقدم المتحف مرافق أخرى، فبالإضافة إلى المتحف والحديقة النباتية ثمة حديقة المجتمع المعشبة، والمكتبة والمختبرات الجزيئية، ومركز إعادة التدوير.

ويؤكد أن المتحف يهدف إلى التركيز على وحدة الشعب الفلسطيني، ووحدة فلسطين، ووحدة طبيعتها، ووحدة تاريخه.

وبالنسبة لطبيعة النشاطات التي يقدمها متحف فلسطين للتاريخ الطبيعي، فإنه يعمل على نشر البحوث والمعرفة حول الحيوان والنبات والإثنوغرافيا البشرية في فلسطين، وتعزيز حماية البيئة والتفاعل المسؤول بين الناس والبيئة، بما في ذلك التراث الثقافي، واستخدام نتائج البحوث في مجالات مثل التنوع البيولوجي والتاريخ والثقافة والزراعة المستدامة والمراقبة البيولوجية لتعزيز المجتمعات المستدامة، مع التركيز على المجتمعات المهمشة.

ويضيف قمصية: "يعمل المتحف على حماية الكائنات الحية والنظام البيئي، والتعليم البيئي، وبالملخص تمكين الشعب بكل فئاته هو مفتاح الحرية والتنمية في فلسطين".

يذكر أن قمصية هو مؤلف كتاب "المقاومة الشعبية في فلسطين.. تاريخ من الأمل والتمكين" والعديد من الكتب حول الحياة البرية في الأراضي المحتلة.

استدامة الإنسان

كما يسعى المتحف لإيصال عدة رسائل للزوار منها أن حماية البيئة هي ضمان لاستدامة الإنسان، وأنه يمكن للجميع إحداث فرق في الطبيعة وفي المجتمع، وهو أمر إيجابي يجب استثماره من الجميع، ويجب على الفلسطينيين أن يسعوا جاهدين للقضاء على أي ممارسة ضارة (مثل استخدام البلاستيك والوقود الأحفوري)، حيث يأتي الزوار إلى المتحف ويغادرون بدرجة كبيرة من الحماس والحيوية، ليعطي مجالا للطاقة الإيجابية المعدية.

ويستكمل قمصية: "إلى جانب أن الطبيعة في فلسطين غنية بالتنوع البيولوجي وهي مفتاح لبقائنا لذا يجب حمايتها، ويجب أن نعيد الاتصال بالأرض التي هي في حد ذاتها شكل من أشكال مقاومة الاستعمار".

ولديه كل عام معارض جديدة وكذلك مشاريع لخدمة الناس والطبيعة، فعلى سبيل المثال لديهم هذا العام مشاريع لتجديد وتوسعة مساحة المتحف القائم، ومشاريع أخرى لوضع استراتيجية وطنية وخطط عمل للتنوع البيولوجي، وتنفيذ مشاريع تزيد من التنوع بين الطبيعة والمجتمعات البشرية ومشاريع اقتصادية مثل النباتات الطبية وغيرها.

الاستعمار العقلي

أما عن التحديات التي تواجه قمصية، فيشير إلى أن إقناع الناس بالتخلي عن استعمارهم العقلي والإيمان بأنفسهم، وتحسينها، هو العائق الأكبر، "ومتى تخلى الناس عن ذلك فستنمو القدرات البشرية وتزويده بالموارد اللازمة لتحقيق ذلك".

ويكمل: "وبالطبع مثل الآخرين لدينا تحديات كبيرة أخرى كالافتقار إلى الحرية وانعدام السيادة، وأكثر من ذلك بكثير بسبب الاحتلال الإسرائيلي، لكن التحدي الأكبر هو أنفسنا".

ويطمح أن يكون مجتمعه يعيش في سلام مع نفسه ومع الطبيعة، ويعيش على الأرض بطرق مستدامة وغير ضارة، وأن يصبح المعهد الذي أنشأه في فلسطين نموذجًا للدول الأخرى.