في الوقت الذي يواجه فيه التجار المقدسيون مختلف وسائل الضغط والإيذاء والملاحقة من الاحتلال، مع ما تكبدوه من خسائر فادحة بسبب جائحة كورونا حتى باتوا غير قادرين على مواصلة عملهم، وصار يفكر بعضهم في ترك عملهم؛ تتنكر السلطة برام الله لمعاناتهم، فبدلًا من إسنادهم والوقوف إلى جانبهم تخلت عنهم وتركتهم وحدهم في مواجهة البطش الإسرائيلي.
ودخل رئيس حكومة رام الله محمد اشتية، الاثنين الماضي، في سجال مع أحد تجار القدس المتضررين جراء انتهاكات الاحتلال وجائحة كورونا، وما نجم عن ذلك من أضرار اقتصادية هائلة.
وطالب التاجر في مقطع فيديو، تناقلته وسائل الإعلام، رئيس حكومة رام الله بصرف مساعدات مالية للتجار، ليقابله اشتية بالرفض قائلًا: "لسنا دولة نفطية، ونحن لا نستطيع أن نصرف مبالغ مالية شهرية للتجار".
قصور واضح
المحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات قال: "إن السلطة لا تقوم بدورها المنوط بها لدعم صمود التجار المقدسيين، أمام تزايد معاناتهم وتكبدهم خسائر كبيرة، بسبب الإغلاقات التي اضطروا إليها بسبب جائحة كورونا".
وانتقد عبيدات في حديث إلى صحيفة "فلسطين" دور السلطة مؤسساتها كافة تجاه دعم المدينة المقدسة، وتجارها الذين أرهقوا بسبب الضرائب التي يفرضها الاحتلال عليهم دون توقف، مشيرًا إلى أن أهالي القدس -خاصة التجار- يواجهون محاولات حيثية لتهجيرهم قسرًا من المدينة المقدسة.
ولفت إلى أن تجار مدينة القدس يمرون بأوضاع مأساوية وصعبة، وباتوا غير قادرين على سداد ديونهم ودفع الضرائب المفروضة عليهم، فاضطر العشرات منهم إلى إغلاق محالهم التجارية، مشيرًا إلى تلك الأوضاع أرغمت التجار على إغلاق نحو 400 محل تجاري ومطعم ومصنع وفندق إغلاقًا تامًّا، فضلًا عن أن العديد منهم اضطروا إلى نقل مراكز تجارتهم ومحالهم إلى خارج المدينة.
وشدد عبيدات على ضرورة الوقوف إلى جانب المقدسيين، ودعم صمود التجار، لمواجهة محاولات الاحتلال الرامية لتهجيرهم من مدينتهم.
وقفة جدية
واتهم مدير مركز القدس للحقوق القانونية والاجتماعية زياد الحموري حكومة رام الله بعدم القيام بواجباتها تجاه مدينة القدس وتجارها، أمام الانتهاكات الإسرائيلية بحقهم الهادفة لتدميرهم وإنهاء وجودهم.
وأكد الحموري في حديث إلى "فلسطين" أن السلطة لا تمارس دورها لحماية التجار من الضرائب الباهظة والمتراكمة عليهم، وآثار جائحة كورونا التي أوقفت تجارتهم وأغلقت محالهم، لافتًا إلى أن الحرب عليهم مستمرة ولم تتوقف منذ احتلال مدينة القدس، وازدادت بعد عام 2002، خاصة بعد بناء جدار الفصل العنصري حول المدينة، إلى جانب زيادة التغول الإسرائيلي عليهم بفرض الضرائب الباهظة لتدميرهم وإنهاء وجودهم.
وقال: "إن جائحة كورونا ضيقت الخناق على التجار المقدسيين، فأغلق الكثير منهم محالهم التجارية إغلاقًا شبه دائم، لضعف الحركة الشرائية وتراكم الضرائب والمخالفات عليهم وعجزهم عن سدادها، ما يضاعف فرص استيلاء الاحتلال عليها".
وبين أن الحركة التجارية والسياحية في البلدة القديمة أصبحت شبه مشلولة، مؤكدًا أن التجار بحاجة ماسة لمساعدتهم ووقفة جدية لدعم صمودهم، ووضع خطة لإنعاش اقتصادهم، أمام الهجمات الإسرائيلية التي لا تتوقف ضدهم.