مارست العديد من الجامعات حلولًا غير تقليدية في مقاربة قضية الامتحانات التي تعتبر بحق ضمن الظروف والأوضاع القائمة مسألة شائكة. إذ عمدت العديد من الدول لإلغاء الامتحانات النهائية في الجامعات من أساسها، وقامت بتمديد تعليق الأنشطة التعليمية داخل الصفوف على الصعيد المحلي، ما دام خطر الوباء يتهدد الجسم التعليمي كأساتذة وإداريين وطلاب.
ويتبين على الصعيد العالمي وبناءً على مسح علمي أولي قامت به منظمة التربية والثقافة والعلوم – يونيسكو أن هناك 58 دولة من أصل 84 دولة شملها المسح قامت بتأجيل أو إعادة جدولة الاختبارات، فيما قدمت 23 دولة طرقًا بديلة مثل الاختبار عبر الإنترنت أو الاختبار المنزلي.
ولدى التدقيق في ما أقدمت عليه الجامعات العربية إزاء هذه المشكلة نجد عدة مسارات في التعاطي مع ظروف كوفيد – 19 ومترتباته.
فقد حرصت بعض الجامعات على تأمين اللقاحات، وقامت بتحصين مجتمعها كمدخل للعودة إلى الانتظام الطبيعي، ومن ضمنه إجراء الامتحانات صفيًا كما كانت عليه دون تعديل، مع الحفاظ على التباعد الاجتماعي وإجراءات الوقاية المعروفة. لكن قسمًا من الجامعات أجرت امتحانات عن بُعد باعتبار أن أعضاءها ما زالوا مهددين بتفشي الوباء.
وهنا ثارت ثائرة طلابها الذين لم يتمكنوا لأسباب متعددة من الحصول على خدمات الإنترنت وغيرها من عناصر، كفقدان التجهيزات التقنية الملائمة، ما أعاق العملية التعليمية أصلًا. وبموجب جملة هذه الظروف رأى الطلاب أن ما حدث من امتحانات ضرب مبدأ تكافؤ الفرص بينهم، وأعاد تصنيفهم تبعًا لأوضاعهم وظروفهم المادية. فمن كانت أوضاعه ملائمة تمكن من المتابعة الدراسية واستفاد من البث الإلكتروني ودخل في الامتحان واثقًا من معلوماته. ومن شاء حظه العاثر أن يعجز عن المواكبة لأسباب شتى دفع الثمن. وهذا ليس عدلًا أو إنصافًا، بل عقابًا مضاعفًا يدفعون ثمنه من مستقبلهم.
ما يجدر ذكره هنا أن العديد من البلدان العربية، إن لم يكن جميعها، لم تكن لتعترف أصلًا بالتعليم عبر الإنترنت بشكل رسمي، لكن وزارات التعليم بمرحلتيه العامة والعالية تقبلت هذا الأمر في الأزمة الحالية. ومن بين الأسباب الرئيسية لعدم اعتماد التعليم عبر الإنترنت الخوف من الغش عبر البحث عن الإجابات على الإنترنت، أو الاستعانة بصديق أو أخ أو أخت لإجراء الاختبار عبر الإنترنت عوضًا عن الطالب المعني.
العديد من الجامعات، بطلب من السلطات أو بقرارات ذاتية لجأت إلى عدم إعادة فتح أبوابها قبل الخريف. ووضعت خططًا طارئة لتَقسيم الفصل الدراسي إلى وحدات أقصر تتألف من ستة أسابيع، لتحقيق مزيد من المرونة للتنقل بين الحرم الجامعي والتعليم عبر الإنترنت، اعتمادًا على تطور وضع الوباء.
من ضمن المسارات المعتمدة تبين أن عددًا من الجامعات وبقرارات حكومية أو خاصة ألغت الامتحانات أصلًا، واستعاضت عنها بأوراق ومشاريع بحثية. ووضع الأساتذة العلامات للطلاب بناءً على مستوى انطباقها على القواعد العلمية المعروفة التي تدرس في المواد التي يتلقاها الطالب. وقد دافع أكاديميون كثيرون عن هذا المنحى الذي وصفوه بأنه مثالي باعتبار أن ليس لديهم خيار آخر.
في الدول التي مزقتها الحروب، كسورية وليبيا واليمن وغيرها، تقبّلت السلطات السياسية والأكاديمية فكرة خسارة أشهر من عام التعليم الجامعي ببساطة وسط ظروف الحروب والفوضى الأهلية وتعثر الخدمات العامة. عدا الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. وعليه، قامت هذه الدول، أو الأطراف المهيمنة على المناطق التي تقع تحت سيطرتها بأسهل الحلول اليائسة وهي إلغاء الدراسة والامتحانات كليًا أو جزئيًا.