فلسطين أون لاين

"كافي بوك".. مكتبة ومقهى ثقافي يتيح مطالعة الكتب قبل شرائها

...
غزة/ مريم الشوبكي:

"كافي بوك" مكتبة صغيرة توزع في زواياها الكتب بطريقة لا تزعج العين، فإذا أردت أن تجلس لتتصفح كتابًا قبل شرائه، فالجو مهيَّأ لك من إضاءة تريح العين وهدوء يسكن المحيط.

لدى دخولك المقهى الثقافي يقابلك يوسف حسونة بابتسامة، مقدمًا لك كوبًا من القهوة الساخنة وقطعة من الشكولاتة مجانًا.

جمع يوسف وشقيقه ماهر حب القراءة، يهويان منذ الصغر شراء الكتب ومطالعتها، ولطالما حلما بأن يكون لديهما مكتبتهما الخاصة، الظروف المادية أجلت ذلك الحلم، حتى جاءت جائحة كورونا وقدمت لهما فرصة ذهبية ليبدآ حلمهما بإنشاء مكتبة إلكترونية.

بعد عام ونصف من بيع الكتب عبر منصات التواصل الاجتماعي، افتتح الشقيقان مكتبتهما في محل استئجاراه في مدينة غزة، والذي استقطب زبائنه من جميع محافظات القطاع، أطفالًا وشبانًا وحتى كبار السن أيضًا.

أعجب الزبائن بالجو الهادئ والممتع والمريح للنفس والعين، فهي مكتبة غير تقليدية، لا تضطر إلى الوقوف كثيرًا والبحث بين الكتب، فالمكان يتيح لك الجلوس ومطالعة الكتاب متأنيًا قبل شرائه، كما يقول يوسف.

ويضيف الشاب الثلاثيني: "فكرة المكتبة لاقت رواجًا كبيرًا بين منصات التواصل الاجتماعي، وهذا الأمر شجعنا على افتتاح مقر لنا والذي تأجل بسبب عدم توفر القدرة المادية".

ويشير لـ"فلسطين" إلى أن المشروع واجه في بدايته صعوبة في توفير الكتب الأصلية بسعر مناسب، في ظل غزو الأسواق الغزية النسخ المستنسخة محليًّا.

ويعتقد يوسف أن فكرة افتتاح مقهى ومكتبة للقراءة ربما يستهجنها البعض، في ظل انتشار بيع الكتب بصيغة (بي دي إف) عبر شبكة الإنترنت، وتوجه القراء نحو القراءة عبر الهواتف الذكية، بدلًا من حمل كتاب بين يديه كما في السابق.

ويأمل يوسف وماهر بمشروعهما هذا إعادة إحياء ثقافة القراءة بين الجيل الجديد، وإعادة القيمة للكتاب الورقي، وحث الناس على العودة إلى الإقبال على شراء الكتب والتي باتوا يستبدلون بها النسخ الإلكترونية.

ويذهب يوسف إلى القول: "ربما يقول البعض إن عصر الورق قد ولى في ظل توقف كثير من الجرائد الورقية عن الصدور حول العالم الذي يتجه بقوة نحو الإعلام الرقمي".

ويبين أن ملامسة ورق الكتاب له متعة لا يشعر بها إلا القارئ النهم، "فرائحة الورق تدخلك في جو القراءة الكلاسيكي، والمتعة الأكبر حينما تقلب الصفحات بيدك".

فكر يوسف وماهر خارج الصندوق، ولم يريدا أن تكون مكتبة تقليدية، بل مكتبة تتماشى مع روح العصر والشباب، فقطعة من الشكولاتة وكوب من القهوة وبعض الموسيقى الهادئة، كفيلة بأن تهيئ لك الجو النفسي الذي يدخلك إلى عالم الكتاب.

وعن توفير الكتب للمكتبة، يبين ماهر أنهما كانا بداية يشتريان الكتب من موردين في قطاع غزة، وبعد البحث والتقصي أصبحا يشتريانها من دور النشر مباشرة في دول عربية كمصر، وبلاد الخليج العربي.

ويلفت ماهر إلى أنهما واجها خسارة كبيرة بعد العدوان الأخير الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، إذ منعت الكتب من الدخول إلى غزة مدة ثلاثة أشهر، ودفعا مقابل هذه الإعاقة بدل أرضية احتجازها في المعبر الإسرائيلي طوال تلك المدة، بالإضافة إلى تلف وسرقة بعضها.

ويوضح ماهر أنه لا يشتري الكتاب عشوائيًّا، بل يتفحص السيرة الذاتية للكتاب، ويقرأ ملخصًا عن محتواه، كما يسأل القراء عن الكتب التي يرغبون بتوفيرها لهم، مشيرًا إلى أن "كافي بوك" يوفر 250 عنوانًا ما بين روايات، وقصص، وكتب تنمية بشرية، ووطنية، وسياسية، وأدب مترجم.

ويقول إن جمهور المكتبة لا يقتصر على فئة محددة، غير أن الشباب والجامعيين هم الفئة السائدة ويقبلون على شراء كتب للكتاب الجدد، وبعضهم يفضل الكتب الوطنية التي تحتوي على قضايا تاريخية.

ويسعى الشقيقان إلى تطوير وتوسعة مشروعهما من خلال التواصل مع دور النشر في المحيط العربي، ويأملان افتتاح أفرع في محافظات أخرى في الشمال والوسطى والجنوب لتسهيل وصول القراء إلى المكتبة من تلك المناطق.

وقبل أن يغادر زائر "كافي بوك.. عالم القراءة"، يطلب منك القيمان على المكان أن تترك انطباعك عنه أو نصيحة لمن يأتي بعدك في زاوية "هيا اكتب هنا بكل حب لـ"كافي بوك".