فلسطين أون لاين

بأصبعين يحصد "أبو لبدة" بطولات تنس الطاولة.. وخيبات!

...
عبد القادر أبو لبدة
غزة/ هدى الدلو:

بأصعبين في يده اليمنى استطاع عبد القادر تثبيت مضرب تنس الطاولة ليسجل أهدافًا في مرمى خصمه، رافضًا الاستسلام لإعاقته بل كانت وما زالت مصدرًا للإدارة والإبداع، ليدخل بها إلى العالم محترفي رياضة تنس الطاولة.

عبد القادر أبو لبدة (42 عامًا)، من سكان مدينة رفح جنوب قطاع غزة، فتح عينيه على الحياة وهو يعاني قصورًا في الطرفين العلويين، إذ لديه مشكلة في نمو يديه اليمن واليسرى، ولكل واحدة منهما إصبعين فقط، إلا أنه مارس حياته منذ مراحله الحياتية الأولى بشكل اعتيادي، ليتمكن من وضع بصمة خاصة في عالم الرياضة، ويحوز على العديد من الميداليات الذهبية والفضية.

لم يسمح لإعاقته أن تؤثر على أسلوب حياته أو تدفعه للانعزال عن المجتمع منذ طفولته التي شهدت على أولى خطواته الرياضية.

يقول لصحيفة "فلسطين": "مارست منذ صغري جل مجالات الحياة، وحاولت التغلب على أي شيء يعيق رغبتي بممارسة أي رياضة، لعبت مع الأطفال كما يلعبون، ولم أشعر يومًا بأنني من ذوي الإعاقة، أمارس مختلف النشاطات المجتمعية وأجد نفسي تحت طائلة المسئولية".

أما عن سر تعلقه بالرياضة دون غير، فيدين أبو لبدة بالفضل إلى النادي الرياضي الذي يجاور بيته، إذ أغراه ذلك ممارسه الأنشطة الرياضية، مشيرًا إلى أنه كان يدخر مصروفه اليومي ليقطع تذكرة الدخول إلى النادي ليجرب ويمارس أنواعًا مختلفة من الرياضات التي يوفرها النادي.

ويذكر أنه أبدع في ممارسة كرة القدم بشكل مميز إلا أن وضعه لا يسمح له بممارستها، إلى جانب القوانين المفروضة داخل الملعب الأخضر، "لأنني من ذوي الإعاقة وغير قادر على حماية نفسي عند السقوط في حال المزاحمة، أي أن المنع منع إيجابي خشية أن يصاب صاحب الإعاقة بمكروه".

ولذلك عكف أبو لبدة على لعب كرة القدم في أزقة المخيمات، وهناك أنواع مختلفة من الرياضة التي يمكن ممارستها دون أن تسبب لذي الإعاقة بأي أضرار جسدية جسيمة أو لا تحمل مخاطرة عالية.

ويضيف: "لجأت للعب تنس الطاولة بشكل جدي من خلال الأندية التي لها دور فاعل في المجالات الرياضية، وتتبنى تدريب ذوي الإعاقة على هذه الرياضة، إلى جانب أنواع أخرى كـألعاب القوى والجلف، وكرة السلة".

وأثناء ممارسته التمارين الرياضية مع مجموعة من زملائه مر بهم مجموعة من الوافدين الأجانب، وتحدثوا معهم وعن مطالبهم بتوفير مكان خاص لممارسة اللعبة، وبالفعل تم توفير احتياجاتهم لتكون العتبة الأولى نحو المشاركة في بطولات محلية داخل قطاع غزة.

ويوضح أبو لبدة أنه بعد وصوله إلى التصفيات النهاية توج كأفضل لاعب لتمثيل فلسطين في الدول الخارجية، فأصبح ممثل فلسطين للأشخاص ذوي الإعاقة في رياضة تنس الطاولة في عام 1998، واضعًا نصب عينيه أن يكون الأفضل على مستوى العالم، غير أن الأوضاع السياسية شكلت أمامه عقبات، وأوقفت مساره في طريق تحقيق طموحه.

أولى البطولات التي خاضها كانت في جمهورية مصر العربية، وقد حصد فيها المركز الثاني عربيًا، والثانية في الولايات المتحدة الأمريكية وحاز على المركز الأول فردي والثاني زوجي، وتلاها بطولة في الأردن كان له نصيب المركز الثالث، وبطولات في اليونان في المركز الأول والثاني والثالث، والإمارات العربية المركز الثاني.

في ميدان المعركة يراود "أبو لبدة" شعور لا يوصف بتتويجه تلك المراكز ورفعه العلم الفلسطيني، "ولكن للأسف بمجرد العودة إلى وطني يذهب شعور الحصاد بسبب عدم إيجاد من يهتم بنا من المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني، فلا نتقاضى أدنى متطلبات حياتنا، وعدم توفير الاحتياجات اللازمة سواء كانت خاصة بنا أو على صعيد ممارسة اللعبة لتشكل أمامنا مشاكل علينا مواجهتها".

ويطمح أن يكون سندًا للأشخاص ذوي الإعاقة، وأن يكون ممثلًا لهم في الدول كي يستطيع أن يوصلهم مع لاعبون مميزون في العالم، "ولا قول سفيرًا لهم لأنها مهمة كبيرة، ولكن أمثلهم كي أسير بهم إلى الصفوف الأمامية".