فلسطين أون لاين

حد السيف.. جدارة المقاومة وخيبة الاحتلال

 

إذا أردت أن تدرك حجم الخيبة والهزيمة بل والعار الذي لحق بالأجهزة الأمنية الإسرائيلية بعد عملية حد السيف فما عليك سوى مطالعة حجم التقارير والمتابعة الإخبارية المكثفة لتداعياتها في الصحف العبرية حينها، وما ترتب عليها من تداعيات على أجهزة الاحتلال الأمنية وأساليب عملها، وما عليك سوى الوقوف على حجم الاستعدادات والترتيبات التي سبقت العملية الأمنية لخطورتها، وحجم الإمكانات المسخرة من أجل تحقيق هدفها باختراق منظومة اتصالات المقاومة، وكذلك الفريق المكلف بتنفيذها ومدى خبرته ومهارته، فرغم ذلك كله إلا أن عين المقاومة اليقظة وبركة إخلاص رجالها أفشل مخطط الاحتلال الإسرائيلي، وانقلب السحر على الساحر، وعادت الوحدة الأمنية الإسرائيلية بخفي حنين تجر أذيال الخيبة بقتيل وجرحى وخسائر أخرى.

إن إقدام كتائب القسام على نشر صور أفراد الوحدة الإسرائيلية الخاصة التي تسللت لخان يونس "سيدمر مشاريع لدولة الاحتلال في غزة وفي دول عربية استغرقت سنوات تتعلق بالعلاقات التي بناها أفراد هذه الوحدة"، هكذا علقت القناة 14 العبرية في سياق تناولها لتداعيات عملية حد السيف، مبينة أن "إسرائيل" تتعامل مع كشف صور أفراد الوحدة الإسرائيلية بـ"بالغ الاستنفار"، وهذا غيض من فيض مما غصت به وسائل الإعلام العبرية بعد "حد السيف"، معبرة عن هول الصدمة التي منيت بها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي اعتاد قادتها دق كؤوس الخمر فرحًا وطربًا بإنجازات في أماكن شتى.   

وللمفارقة العجيبة أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ذات القدرات الفنية والتقنية الحديثة والمتطورة، والخبرات المتعددة تصول وتجول في ساحات عربية وأجنبية دون حسيب أو رقيب لكنها في ساحة قطاع غزة المحاصر عاجزة حتى بات مجرد التفكير بتنفيذ عمليات أمنية داخل القطاع مغامرة غير محمودة العواقب، وتتطلب قرارًا على أعلى المستويات الأمنية والسياسية الإسرائيلية لخطورة بيئة القطاع المقاوم على عناصر الاحتلال وأدواته، لهذا عملية حد السيف غير، وتستدعي التوقف عندها طويلًا، وألا تمر ذكراها دون استعادة نشوة انتصارها، وبهجة عزها وفخارها، وذل وانكسار الاحتلال حينها، فضلًا عن كونها تبث الأمل بأن القادم أنكى بالاحتلال، وأبهى لشعبنا، وأزهى لمقاومتنا العتيدة.  

لا شك أن الصراع الأمني بين المقاومة والاحتلال لا يتوقف لحظة بخلاف الاشتباك العسكري، وقد عكست محطات المواجهة الأمنية التي برزت إلى السطح عقلية أمنية فذة للمقاومة، وفي هذا السياق يمكن استحضار عملية تسليم الجندي جلعاد شاليط حين غطت سماء قطاع غزة طائرات الاحتلال بكثافة على أمل الوصول إليه قبل تسليمه أو معرفة مكان احتجازه لكنها تفاجأت بأسطول جيبات من ذات الطراز تظهر في ذات الوقت بشوارع غزة، مربكة بذلك جيش الاحتلال واستخباراته، ومحبطة أي محاولة غادرة لإفشال صفقة التبادل في لحظاتها الأخيرة، وصور المواجهة الأمنية عديدة، وما خفي أعظم.  

إن الحديث عن عملية حد السيف لا يمل البتة لأنه بطعم الانتصار وبنكهة العزة والكرامة، ولأن ما بعدها ليس كما قبلها على صعيد العمل الأمني المقاوم، ولأنها مثال حي وعملي على تطور قدرات المقاومة وعجز وضعف الاحتلال الإسرائيلي أمامها، وقد تجلت ثمار ذلك بوضوح خلال معركة سيف القدس، إذ تشير اعترافات قادة جيش الاحتلال المتتابعة لفقر وشح المعلومات لديه عن مقدرات المقاومة، الأمر الذي ترتب عليه عجزه عن وقف إطلاق صواريخها عبر استهداف وتدمير مرابض إطلاقها، إذ واصلت المقاومة دكت معاقل الاحتلال حتى نهاية المعركة، بل وهددت بتوجيه ضربة صاروخية غير مسبوقة حال إقدام الاحتلال على قصف غادر، عاكسة بذلك ثقة عظيمة بقدراتها، وجرأة كبيرة في مواجهة الاحتلال، وجاهزية عالية للمواصلة والاستمرار، وأن التهدئة تأتي من منطلق قوة لا ضعف.