فلسطين أون لاين

حينما تحولت "وحدة النخبة" إلى "صيد ثمين" بيد "القسام"

"حد السيف".. 3 سنوات والاحتلال لم يفُق من صدمة الهزيمة

...
غزة/ يحيى اليعقوبي:

قوة خاصة من وحدة "سيرت متكال" الاستخباراتية العسكرية الإسرائيلية، تسللت شرق خان يونس جنوبي قطاع غزة، بهدف زراعة منظومة تجسس للتنصت على شبكة اتصالات المقاومة، سرعان ما تحولت هي ومعداتها إلى "صيد ثمين" للمقاومة بعد انكشاف أمرها ومقتل قائدة الوحدة وإصابة نائبه، في عملية أطلقت عليها كتائب القسام اسم "حد السيف" قبل ثلاثة أعوام.

مساء الحادي عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر 2018م، كان قادة المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية يتوقعون أن يستيقظوا على صباح يحققون فيه انتصارًا واختراقا أمنيا في قلب غزة، لكن لم يدُر في خلدهم أن الفشل الذي لحق بهم انهارت معه الأسطورة الأمنية "وحدة سيرت متكال" التي شيدوها على مدار عقود، خلال ساعات على يد مقاومي غزة.

رئيس أركان الاحتلال "أفيف كوخافي" اعترف في حينه، بفشل العملية، وسيطرة حماس على وثائق عسكرية ومعدات وأجهزة مهمة؛ ما دفعه إلى الطلب من قائد العمليات الخاصة في شعبة الاستخبارات العسكرية السابق بالعودة إلى الشعبة لـ"ترميم قدرات الجيش بعد الفشل في تلك العملية".

لم يقتصر الأمر على انهيار الصورة النمطية التي كانت مرسومة عن تلك الوحدة، بل هناك ضرر إستراتيجي خلفته المعركة، أقر بذلك محلل الشؤون العسكرية في القناة 14 العبرية، ألون بن ديفيد، بالقول إن "ما كشفته كتائب القسام سيدمر مشاريعَ للاحتلال في غزة ودولًا عربية، قضى سنين في بنائها عبر أفراد هذه الوحدة".

نقطة تحول

يقول المختص في الشأن الإسرائيلي، أيمن الرفاتي إن عملية "حد السف" مثلت منعطفا كبيرًا في حالة الاشتباك بين المقاومة والاحتلال، خاصة أن العملية وضعت حدًا لجهود أمنية كبيرة بذلها الاحتلال، لمحاولة التخريب والسيطرة على أدوات إستراتيجية تمتلكها المقاومة، خاصة شبكة الاتصالات الأرضية.

وأوضح الرفاتي في حديثه لـ"فلسطين" أن وصول المقاومة للوحدة وكشفها، أفشل المحاولات الإسرائيلية للتخفي تحت الغطاء الأمني للدخول لغزة وتنفيذ هذه العمليات، بالتالي شكلت العملية ردعًا للاحتلال من إمكانية تكرار المحاولة، لأن الخطورة عالية داخل غزة، والحالة الأمنية التي فرضتها المقاومة مهدد كبير لأي عمليات أمنية خلال الفترة المقبلة، ومن ثم فإن ذهاب الاحتلال لهذه الخطوة مغامرة غير محسوبة.

وأضاف: "إن المعركة كانت تمثل نقطة فارقة في الصراع بين المقاومة والاحتلال، "وربما كشف المقاومة لهذه الوحدة يشير بوضوح لقدرتها على إحباط المخططات الأمنية والتخريبية التي كان يسعى لها الاحتلال".

وبين أن "حد السيف" كسرت الصورة النمطية عن الوحدات الخاصة الإسرائيلية، التي باتت مكشوفة أمام مواجهة المقاومة ويمكن السيطرة عليها وإحباط أعمالها، فما حدث يمثل فشلا أمنيا وعملياتيًّا كبيرًا لجيش الاحتلال.

وأشار الرفاتي إلى أن للعملية تبعات سياسية كبيرة لدى الاحتلال، أدت إلى انهيار الحكومة، حيث أجبر الفشل الذريع لـ"سيرت متكال" وزير الحرب أفيغدور ليبرمان على الاستقالة بعد يومين فقط من العملية، كما أجبر قائد قسم العمليات الخاصة بشعبة الاستخبارات العسكرية بجيش الاحتلال والقائد السابق لوحدة "سيرت متكال" على الاستقالة بعد أسابيع.

زعزعة بالمجتمع الإسرائيلي

من جانبه، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي، نظير مجلي: إن جيش الاحتلال حاول التغطية على العملية لعدة أسابيع لكن بعدما وضحت حجم الضربة التي تلقاها من خلال ما كشفه الصحفيون الإسرائيليون، بدأ يتحدث جيش الاحتلال عنها بشكل أكبر؛ ما آثار زعزعة في المجتمع الإسرائيلي وحاول العبور عن نتائجها، فما زال يتكتم على ما حدث حتى اليوم.

وأوضح مجلي لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال يحاول تناسي الفشل الاستخباري في "حد السيف"، وعدم التعاطي معها وعدم ذكرها، وما ينشر في الصحافة العبرية حاليا عنها فقط على "أنها تحاول أن تتعلم الدروس لكيلا تقع في مثل هذا الإخفاق مرة أخرى".

ولفت إلى أن التاريخ يثبت أنهم لم يتعلموا من الدروس، رغم أن الدرس الأساسي هنا يتمثل برفع يدهم عن الشعب الفلسطيني وإزالة الحصار عنه، "هذا استخلاص أساسي يجب أن يتم، لكنه غير موجود لدى الحكومة الحالية برئاسة نفتالي بينيت ولا لدى الحكومة الماضية، التي لم تستخلص النتائج على الصعيد السياسي والاستراتيجي".. يقول.

وأشار إلى أن الاحتلال يحاول التغطية على الإخفاق الجوهري الذي يتمثل في العقلية الإسرائيلية التي تتعامل مع الشعب الفلسطيني بالاستعلاء والاستخفاف، رغم أن التجارب تثبت أن المقاومة تبدع في مواجهة الاحتلال، وهذا ما جعلهم يعترفون بالإخفاقات التي يرجعون سببها لـ "تقديراتهم الخاطئة" في كل مرة تفاجئهم فيها المقاومة.