فلسطين أون لاين

"حد السيف" .. حين حطمت القسام "سيرت متكال"

...

مساء الحادي عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر 2018م، لم يكن يدر في خلد قادة المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية أن تنهار الأسطورة الأمنية "وحدة سيرت متكال" التي شيدوها على مدار عقود خلال ساعات على يد كتائب القسام في قطاع غزة.

قوة خاصة من 15 فردًا من أفضل وحدات الكوماندوز في جيش الاحتلال "سيرت متكال" تسللت شرق مدينة خانيونس بهدف زراعة منظومة تجسس للتنصت على شبكة اتصالات المقاومة، سرعان ما تحولت هي ومعداتها إلى صيد ثمين.

ويصادف اليوم الذكرى السنوية الثانية لعملية "حد السيف"، التي تصدت فيها كتائب القسام لوحدة "سيرت متكال" إحدى أهم الوحدات الخاصة بجيش الاحتلال، وأمْنتها بفشل كبير.

حد السيف اكتشف مجاهدو القسام القوة المتسللة واشتبكوا معها، فأوقعوا قائدها قتيلًا وأصابوا آخرين، قبل أن يفر بقية أفرادها تاركين سلاحهم ومعداتهم في أرض المعركة يجرون ذيول الخيبة والفشل تحت غطاء ناري كثيف جدًا من طائرات الاحتلال.

وخلال التصدي للقوة الخاصة التي تسللت شرق خانيونس، استشهد القائد القسامي نور بركة، وستة مجاهدين آخرين. حاول الاحتلال وعبر قصفه للمركبة الخاصة بالوحدة إخفاء أي أدلة قد تساعد المقاومة في التعرف على أهداف عملية التسلل، أو الحصول على الأجهزة التقنية والمعدات الخاصة بالعملية، إلا أنه فشل مجددًا.

أطلقت كتائب القسام على العملية اسم "حد السيف"، وكشفت بعد أيام قليلة عن أفراد القوة بأسمائهم وصورهم وطبيعة مهامهم، والوحدة التي يعملون فيها، وأساليب عملها، ما دفع الرقيب العسكري إلى حظر نشر ما تداولته القسام، وهو ما أسهم في إرباك جبهة الاحتلال الداخلية التي تريد معرفة حقيقة ما حدث شرق خانيونس في تلك الليلة المشؤومة.

تهاوي قادة العدو أجبر الفشل الذريع لوحدة "سيرت متكال" شرق خانيونس وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان على الاستقالة بعد يومين فقط من العملية، كما أجبر قائد قسم العمليات الخاصة بشعبة الاستخبارات العسكرية بجيش الاحتلال والقائد السابق لوحدة سيرت متكال على الاستقالة بعد أسابيع.

وعلى وقع الهزيمة المدوي اعترف رئيس أركان الاحتلال أفيف كوخافي بفشل العملية، وسيطرة حماس على وثائق عسكرية ومعدات وأجهزة مهمة، ما دفعه للطلب من قائد العمليات الخاصة في شعبة الاستخبارات العسكرية السابق بالعودة إلى الشعبة لـ"ترميم قدرات الجيش بعد الفشل في تلك العملية".

وكان محلل الشؤون العسكرية في القناة 14 العبرية، ألون بن ديفيد قد أقر في وقت سابق أن ما كشفته كتائب القسام سيدمر مشاريعَ للاحتلال في غزة ودول عربية، قضى سنين في بنائها عبر أفراد هذه الوحدة.

وأكد بن ديفيد أن ما نشرته كتائب القسام من صور لمنفذي عملية خانيونس السرية يُعد أعلى مستويات الضرر، وهو ضرر استراتيجي لن تقتصر آثاره على حدود قطاع غزة، وإنما على منطقة الشرق الأوسط كلها.

وعلى الصعيد المعنوي فقد كسرت كتائب القسام الهيبة الأمنية للاحتلال التي طالما تباهى بقوتها أمام العرب والفلسطينيين، فقد ظلت الاستخبارات العسكرية الصهيونية (أمان) إلى عهد ليس بالبعيد محل مباهاة ومفاخرة صهيونية، وعلامة فارقة في تاريخ العمل الاستخباري.

 الناطق العسكري باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام أبو عبيدة قال إن عملية "حد السيف" مثلت نقطة تحول في إدارة الصراع بين المقاومة والاحتلال.

وأكد أبو عبيدة أن ما تحصلت عليه القسام من معلومات ومعطيات مختلفة في العملية يمثل كنزًا استخباريًا حقيقيًا، وضربة غير مسبوقة لاستخبارات العدو وقوات نخبته الخاصة والسرية.

وأضاف أنّ ما بحوزتنا لم يكن للاحتلال في أسوأ كوابيسه أن يتخيل وقوعه بين أيدينا، وأنّ المقاومة توظّف هذا الذخر الأمني والاستخباري لصالحها في معركة العقول وصراع الأدمغة بينها وبين الاحتلال.

وتابع أبو عبيدة: نعد الاحتلال بأنّ ما لدينا سيكون له أثر عملياتي واضح في معاركنا المقبلة معه، وعلى قيادة العدو أن تقلق كثيرًا مما بين أيدينا، وأن تترقب مليًا أثره ونتائجه.

وأكد أن المقاومة أوصلت رسالتها للعدو بأن اللعب في ساحة غزة هو مغامرة وحماقة، وأنها ستظل لعنة تطارده إلى أن يفنى.

وأظهرت عملية "حد السيف" قدرة المقاومة النوعية على مفاجأة العدو ويقظتها العالية، واستعدادها الدائم للدفاع عن أبناء شعبنا، كما أثبتت أنها الحامية الحقيقية لشعبنا من أي عدوان أو تغول صهيوني.