(1)
قبل أيام تحدث رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية بكلمة خلال ندوة نظمها مركز الزيتونة للدراسات والتي يمكننا أن نقول عنها إنها رؤية وطنية إصلاحية تناولت المتغيرات المهمة التي أثرت على المشهد الفلسطيني، لقد كان أبرز الملامح لهذه المرحلة الزمنية والتي أثرت في المشهد السياسي إلغاء الانتخابات التشريعية من قبل السلطة، وانتصار المقاومة الفلسطينية في معركة سيف القدس والذي وضع القضية الفلسطينية في موقع جديد من حيث قوة الردع في وجه الاحتلال الصهيوني وزاد ثقة الحاضنة الشعبية بخيار المقاومة وهشاشة خيار التسوية وتزامن ذلك مع الانسحاب الأمريكي من أفغانستان والذي دل على انحصار محور العدوان الصهيوأمريكي وتراجع الدور والتأثير الأمريكي في المنطقة بعد هزيمتها في أفغانستان وصعود محور المقاومة بما يمثّله من أمل للأمة الإسلامية وما بقي إلا وهم السلام الاقتصادي الذي يأتي تحت ستار التطبيع والذي ما هو إلا محاولة خبيثة لدخول الاحتلال للمنطقة العربية والإسلامية من بوابة التطبيع.
(2)
جاء خطاب هنية في ظل ما يحيط بالقضية الفلسطينية من مخاطر ليؤكد أن مسؤولية حركة فتح والسلطة والأحزاب السياسية الوطنية والإسلامية اليوم أن تغلب البعد الوطني وان تعتبر هذه الرؤية الاصلاحية بمثابة مبادرة الكل الوطني، والعمل على استنهاض القضية الفلسطينية في ضوء إغفال المجتمع الدولي للجرائم الصهيونية ضد شعبنا وتصاعد التهويد والاستيطان.
(3)
في الوقت الذي لا يزال الاحتلال مستمر في تجاهل كافة الحقوق الفلسطينية ومتنكر لجميع المعاهدات التي وقعها مع السلطة وتراجع دور السلطة عن الأهداف التي أنشئت من أجلها وأصبحت أداة في يد الاحتلال تحت مبدأ التنسيق الأمني بل يمكننا القول أن التنسيق الأمني هو من يحكم السلطة، لهذا فإن المطلوب إعادة بناء القيادة الفلسطينية المتمثلة في منظمة التحرير على أسس إدارية جديدة تضم كافة المكونات الفلسطينية من الداخل والخارج وهو ما دعا إليه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس هنية في رؤيته الوطنية لإصلاح البيت الفلسطيني.
(4)
إن دعوة هنية للنهوض بالمشروع الوطني الفلسطيني وإعادة الاعتبار له من خلال الاتفاق على برنامج سياسي واستراتيجية نضالية تتفق مع الثوابت والأهداف الوطنية، رغم كل الاختلافات السياسية فإن الأصل أن تلتقط هذه الرؤية الاصلاحية الوطنية وأن يعمل الكل الوطني معًا من أجل تحقيقها واقعًا ملموسًا حتى تتحرر فلسطين فهذه هي مهمتنا الوطنية جميعًا، وهذا ما أوضحه هنية في رؤيته الاصلاحية التي رسم خلالها القواسم المشتركة بين كافة الفصائل والقوى الوطنية بأن نعمل معًا من أجل تحرير وطننا فلسطين وفق رؤية وطنية سامية تواكب كل المتغيرات والمستجدات بما يخدم المصالح العليا لشعبنا وقضيتنا.
رؤية هنية حملت آمال الشعب الفلسطيني وشملت إصلاح شامل للحياة السياسية وتأسيس لمرحلة نضالية شاملة بمشاركة الكل الوطني نحو التحرير وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على حكمة وموضوعية رؤية إسماعيل هنية الوطنية .