عندما بدأت المباحثات غير المباشرة بين حركة حماس والعدو الصهيوني عبر الوساطة المصرية والقطرية بشأن التهدئة في قطاع غزة مقابل رفع الحصار، تعاملت حماس مع الموضوع بنوع من الحذر الشديد، فمعرفتنا بالعدو أنه دائماً يحاول الحصول على الإنجازات دون أن يفي بالالتزامات التي يتعهد بها.
فالعدو الصهيوني ومنذ انتهاء عدوانه الأخير على قطاع غزة في شهر مايو أيار الماضي، يعكف على إعداد قائمة بالمبررات التي يحاول تسويقها للهرب من التزامه، فوجدنا أولها تصريحات قادته التي تقلل من شأن التهدئة وترمي الكرة في ملعب حماس لبيان مدى قدرة الحركة على التزام فترة التهدئة دون خروقات، ووجدنا مدى التزام فصائل المقاومة في قطاع غزة بالتهدئة مع العدو والتي جاءت بعد موافقتها جميعاً.
ثم خرج علينا العدو بمسرحية جديدة اسمها الجنود المأسورين في قبضة المقاومة، واشتراط رفع الحصار عن غزة بعودتهم إلى بيوتهم، لينتقل العدو إلى مسلسل الخروقات والاستفزازات، فالخروقات جاءت بإطلاق النار من آلياته على الحدود الشرقية للقطاع، فضلا عن عمليات التجريف المستمرة لأراضي المزارعين، وملاحقة الصيادين في عرض البحر ومنعهم من ممارسة عملهم وكسب رزقهم، والاستفزازات توالت في الاعتداء على أهلنا في الضفة الغربية متمثلةً في سقوط شهداء وجرحى وتدمير مزارع وتوغلات تخريبية.
وهناك خروقات على قائمة الانتظار في جعبة العدو، يحاول من ورائها عدم إعطاء أي استحقاق للمقاومة يظهره بصورة المنهزم، خاصة أن لديه حكومة هشة، سرعان ما ستسقط بين ليلة وضحاها، ويذهب العدو إلى انتخابات مبكرة تأتي بحكومة تتنصل من التزامات سابقتها كما حصل مع الحكومات الغابرة.
وأود التأكيد هنا أن هذه التهدئة حتى لو التزمها العدو لفترة سرعان ما ستموت بإطلاق العدو النار عليها، وسنجد أنفسنا أمام جولة جديدة من المواجهات التي لربما تصل في المرحلة القادمة إلى كسر العظام لتسجيل مواقف على الأرض ومحاولة تغيير قواعد اللعبة.
وهذا يحتاج منا إلى شحذ الهمم والاستعداد لهذه المواجهة، وأهم سلاح لنا في المرحلة القادمة هو الوحدة الوطنية، فنحن نعول على شعبنا الفلسطيني وعلى وحدته التي تقوم على التمسك بالحقوق وعدم التفريط بالثوابت، ولا يمكن أن نعول على العدو الصهيوني في منحنا أي حق دون أن ندفع الثمن، فشعارنا دائماً: "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة".