فلسطين أون لاين

التربية الكسولة أسلوب ناجح لتنشئة طفل مستقل.. استخدمْه بحذر

...
صورة تعبيرية
غزة/ هدى الدلو:

يوصي خبراء التربية بالاعتماد في تنشئة الأطفال على القاعدة التربوية التي تقول: "إذا أردت أن يعتمد ابنك على نفسه فجرب أن تعتمد عليه، حتى تعلمه الاعتماد على نفسه، وهو ما يعرف بالتربية الكسولة".
ويشيرون إلى أن هذا المنهاج في التربية يجعل الأطفال واثقين من أنفسهم، ومعتادين على استخدام ذكائهم في جميع نواحي الحياة.

ويؤكد خبراء التربية أن وجود الأمهات في حياة أطفالهن طوال الوقت لا يبني أطفالًا صالحين ولا بالغين مستقلين، بل ينتقص من قدراتهم، في حين أن الطريقة التي يراها البعض كسولة، التي لا تضع فيها الأم الكثير من المسؤوليات على عاتقها، تعد الوسيلة المثلى حتى يكتشف الطفل قدراته ويتعلم الاعتماد على النفس.

الاختصاصي التربوي وسام الشلفوح يؤكد سعي الوالدين، وخاصة الأمهات، إلى تربية أبنائهن تربية مثالية، وتكون لهن بصمة في شئون حياتهم وتلبية رغباتهم لاعتقادهن أن ذلك يصب في مصلحتهم.

ويبين لصحيفة "فلسطين"، أن ذلك السلوك لا يبني أطفالًا صالحين ومستقلين في حياتهم المستقبلية، بل يقلل من قدراتهم لاعتمادهم بشكل كلي على والديهم، في حين يرى الخبراء التربويون أن وضع مسؤوليات على عاتق أطفالهم فيما يعرف بالتربية الكسولة، وسيلة مثلى لتعلم الطفل الاعتماد على ذاته وتنمية قدراته.

ويوضح الشلفوح أن التربية الكسولة قد تبدو أسلوبًا صعبًا وأكبر من قدرات الطفل، لكن التحديات والعقبات الصعبة التي تواجه تعلمه كيفية مواجهة الحياة، خاصة أن إنجازه لمهمة ما سيدفعه لإنجاز مهام أخرى دون خوف.

وفي تقرير نشره "ليزي بارينتنغ" يتحدث أنه يجب تعليم الطفل المسئولية منذ الصغر بتجنب أداء المهام بدلًا منه، وتعليمه ضرورة أن يكون شخصًا مشاركًا في المهام المنزلية وذلك من عمر ثلاث سنوات.

ويضيف الشلفوح: "عدم الاهتمام بتربية الأبناء والواجبات الخاصة به، يجعله يعتمد على نفسه في البحث عن احتياجاته، وهذا يزيد من وعيه وإدراكه لما يدور حوله، والعكس بالعكس، في حال كان اهتمام الوالدين بكل شاردة وواردة يصنع من طفلهما شخصًا غير منظم، لا يعتمد على نفسه في أداء أي مهمة حتى لو كانت بسيطة".

مراعاة القدرات البدنية والعقلية

ويرى أنه يمكن لمختلف الآباء انتهاج أسلوب التربية الكسولة، على ألا يتركوا الحبل على غاربه، فهذا الأسلوب يحتاج إلى مراقبة ومتابعة وتوجيه وتقويم.

ويلفت إلى أن عزوف البعض عن هذا الأسلوب التربوي مدفوع بالخوف من تعرض أبنائهم لبعض المخاطر، ولتفادي ذلك عليهم تكليفهم بأداء أعمال بسيطة تتناسب مع قدراتهم البدنية والعقلية ورفع مستوى المهام تدريجيًا تبعًا للمرحة العمرية التي يعيشها الطفل.

ويتابع الشلفوح: "ففي البداية يمكن ترك الطفل في غرفته الخاصة مع بعض المقتنيات والأغراض التي يمكنه اكتشافها بشرط ألا تشكل أي خطر عليه، والحرص على توجيهه دون تدخل، ومن ثم يتم إشراكه في مهام بيتية كإلقاء بعض الأوراق في القمامة، والاهتمام بنظافته الشخصية وغرفته والمشاركة في رفع الأطباق عن طاولة الطعام، والترتيب وغيرها حتى يصبح مسئولا عن بعض المهام، مع تقبل الوالدين لمختلف النتائج".

وختم: "التربية الكسولة ليست كسولة كما يعتقد البعض، بل أسلوب تربوي يجعل الطفل يعتمد على نفسه، ويضمن له الثقة والجرأة، ويجب ألا يغيب تشجيع الوالدين على نجاحه بأي مهمة".

توافق الوالدين

من جهته يرى الاختصاصي النفسي د. جميل الطهراوي أن التربية الكسولة أسلوب تربوي غير صحيح، "ولكن ليس على الإطلاق، فقد ينجح أحيانًا ويفشل في تحقيق أهدافه مرات أخرى، ويحتاج إلى اتفاق وتوافق بين الوالدين".

ويشير إلى أن هذا الأسلوب قد ينجح في بعض المجتمعات التي تعيش في حالة فوضى، ليتم تعويد الطفل على تدبير أموره بنفسه، وإعطائه بعض الاستقلالية وحرية الاختيار.

ويقول الطهراوي: "التربية الكسولة أسلوب سلبي ولا يجوز تبنيه أسلوبا معتمدا وإن كان يحمل بعض الإيجابيات فينبغي استخدامه بحذر وفي حالات محددة، كأن يكون الطفل اعتماديًا واتكاليًا بدرجة كبيرة، أو أن سلوكه داخل المنزل سلبيًا وغير مبادر ويرفض التعاون، فمن الممكن أن نجعله في مواقف كهذه يضطر للتشمير عن ساعد الجد".

وينبه إلى أن لهذا الأسلوب تأثيرا نفسيا في الطفل، فيجعله يشعر بعدم وجود من يقف بجانبه ويسانده.