قيل الكثير عن الحوار غير المباشر بين دولة الاحتلال (إسرائيل) والمقاومة في قطاع غزة من أجل التوصل إلى اتفاق ما بين الطرفين، وآخر التصريحات الصادرة عن مسؤول كبير عن الموضوع هو أن صفقة تبادل أسرى بين (إسرائيل) وحماس يجب أن تشمل في المرحلة الأولى إفراج (إسرائيل) عن أسرى فلسطينيين مسنين وأسيرات وأطفال مقابل إفراج حماس عن جثتي الجنديين والمواطنيْن الإسرائيليين، وقال المسؤول: "إننا نعمل ليل نهار من أجل حل قضية الأسرى"، وأشار إلى أن مصر تسعى إلى تحقيق صفقة أكبر، تشمل عودة السلطة الفلسطينية بشكل ما إلى غزة.
الشارع الفلسطيني لم يعد يثق بأي تصريحات تتعلق بغزة أو الأسرى، وهو على حق ما دام يسمع جعجعة ولا يرى طحينًا، فالتصريحات ذاتها تتكرر على مدار سنوات متعددة، والانتهاكات الإسرائيلية لا تتوقف، خاصة في القدس والضفة الغربية، ومع ذلك نحن نقول إن (إسرائيل) لم تعد كما كانت في السابق، وقدرتها على احتمال حرب جديدة أمر مشكوك فيه، ولذلك هي الآن أقرب من أي وقت مضى لتقديم استحقاقات إخفاقاتها في المواجهة مع المقاومة في الحروب الأربعة السابقة، ومع ذلك نحن ننتظر نتائج على أرض الواقع حتى يصدق الشارع ما يراه وليس ما يسمعه فقط.
أما بخصوص ضرورة اشتمال أي صفقة "كبرى" مع المقاومة على عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة؛ فهو أمر يحتاج إلى بعض التوضيح، المسألة الأولى لا بد أن نذكر أن السلطة الفلسطينية حسب الدستور الفلسطيني تعني السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وأعلاها هي السلطة التشريعية، لأن باقي السلطات تنبثق منها، وإن كانت في النهاية سلطات منفصلة بعضها عن بعض، وتنظم العلاقة بينها وتضبط بقانون واضح وصريح، وعودة السلطة تعني إعادة الاعتبار للمجلس التشريعي المنتخب أولًا، ثم تشكيل حكومة تحظى بثقة المجلس التشريعي حسب الدستور، والرئاسة وحدها لا تعني السلطة الفلسطينية كما أن المجلس التشريعي وحده لا يعني السلطة، والحكومة التي لا تحظى بثقة المجلس التشريعي غير دستورية، ولذلك إن الحديث عن عودة السلطة إلى قطاع غزة يجب ألا يكون بمعزل عن احترام الدستور الفلسطيني واحترام خيار الشعب ونتائج آخر انتخابات تشريعية.