رمضان في القدس "غير"، إذ يتميز بمظاهر تخلو منها المدينة باقي أشهر السنة، حيث تلتقط المدينة أنفاسها بأحيائها وشوارعها وأسواقها لتستقبل زوار المدينة العتيقة والمسجد الأقصى، فهذه المظاهر مغيبة تماماً في غير رمضان بفعل الإجراءات الاسرائيلية التنكيلية بحق أهالي المدينة وزوارها.
المدينة العتيقة بخلاف رمضان تهدأ مرغمة قبل الساعة السادسة بأمر الاحتلال الاسرائيلي، وتكاد تكون الشوارع فيها فارغة، أما في رمضان تصبح المدينة التي لا تنام، فلا تهدأ في حاراتها وأزقتها أصوات الفرق الإنشادية، والفرق التطوعية لتأمين وصول الوافدين إليها حتى وصولهم للمسجد الأقصى.
أعداد كبيرة
يتحدث مسؤول العلاقات العامة في دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس فراس الدبس، عن المظاهر التي تميز مدينة القدس في رمضان والتي لا يمكن أن نجدها في أي مدينة فلسطينية أخرى، حيث تمنحها رونقا ساحرا محببا للنفس.
قال الدبس لـ"فلسطين": "رمضان يحيي مدينة القدس، كما أنه ينعش أهاليها حيث يبقون مستيقظين حتى ساعات السحور، فطيلة الشهر الكريم يقدمون مساعدات للمصلين الذين يؤمون المدينة من مختلف المدن الفلسطينية".
وأضاف الدبس: "إن القدس والمسجد الأقصى يفتقرون للأعداد الكبيرة التي تزور المدينة طوال أشهر السنة لكن الحركة تدب فجأة في شهر رمضان، معهم يشعر المقدسيون بإسلامية".
وبين أنه في شهر رمضان تنتشر البسطات في أزقة وحارات القدس، وتنشط الأسواق التي تعاني من ركود بخلاف رمضان، حيث تزيد الحركة التجارية من قبل الزائرين للمدينة.
وعزا الدبس أسباب النشاط الذي يدب في مدينة القدس وهو ما تفتقده المدينة طيلة أشهر العام، إلى أن البلدة القديمة في الأيام العادية تكون ثكنة عسكرية، إذ يتم تكثيف تواجد جنود الاحتلال الاسرائيلي في جميع مناطق البلدة القديمة، وانتشار الحواجز والتفتيش التنكيلي للداخل والخارج من المدينة.
ولفت إلى أن هذه المنغصات تحول دون وصول الزائرين من دخول المسجد الأقصى والبلدة القديمة، ولكن في شهر رمضان تزيد الأعداد لتصل إلى آلاف الزائرين وهو ما يصعب السيطرة عليها من قبل الاحتلال، وهم يعيدون الحياة للمدينة.
"الحوش"
ونوه الدبس إلى أنه قبل بدء شهر رمضان المبارك، يتفنن شباب حارات مدينة القدس العتيقة بجمع الأموال لشراء زينة لتزيين مداخل وجدران البلدة، فيتفننون ويبدعون في صنع الزينة وتختلف كل عام عن الذي سبقه، ليشعروا الزوار بجو رمضاني جميل.
أما "الحوش" فهو مظهر من مظاهر التكافل الاجتماعي في البلدة القديمة، وهو المساحة الصغيرة التي تربط بين بيوت المدينة المتلاصقة، وبين الدبس أن العائلات المقدسية التي تسكن في البلدة، تقوم بعمل إفطارات جماعية في "الحوش".
وأشار إلى أن شباب مدينة القدس يقومون بتشكيل لجان تطوعية لخدمة زوار مدينة القدس وإرشادهم للمسجد الأقصى وعمل ممرات دخول وخروج منعًا للاحتكاك والازدحام، كما أن بعض العائلات تفتح بيوتها لزائري المدينة.
ونوه مسئول العلاقات العامة إلى أن العشر الأواخر من رمضان لها جو آخر في البلدة القديمة وأبواب المسجد الأقصى، حيث إن البسطات والمحال التجارية تبقى مفتوحة على مدار الساعة، سيما في ليلة القدر التي تعتبر مصدر رزق وفير لمئات التجار المقدسيين.
وسبب ذلك يعود إلى أن اجراءات الاحتلال التعسفية بحق مدينة القدس، تجعل تجار المدينة يغلقون محالهم التجارية قبل الساعة السادسة مساء بسبب الركود التجاري وقلة المشترين، الذين ترهقهم حواجز وتفتيشات الاحتلال، فيضطرون إلى التبضع من الأسواق المنتشرة خارج البلدة القديمة.
جوقة إنشادية
ومن المظاهر الراسخة أيضا في البلدة القديمة، هي الحفلات الإنشادية التي تقيمها فرق إنشادية مقدسية بعد صلاة التراويح، وأشهرها فرقة الرازم التي تتواجد في باب حطة، حيث تقوم بجوقة جميلة في الساحات الخارجية للمسجد الأقصى، فتنعش الأجواء وتمنح المكان رونقا جميلا.
وحول فرقة الرازم يتجمع المصلون وأهالي البلدة القديمة، ليتمتعوا بأعذب الأناشيد الدينية الرمضانية.
وأشار الدبس إلى أن المؤسسات المقدسية تقوم بعمل نشاطات في البلدة القديمة والمسجد الأقصى، حيث المهرجون الذي يمتعون الأطفال بعد انتهاء صلاة التراويح، وحملة فوانيس رمضان أيضًا التي جابت حارات البلدة القديمة.