قال أحد المحسوبين على التيار الوطني وعلى المثقفين: "نخشى أن يكون غلاء الأسعار غزوة منظمة ضد حكومة السلطة الفلسطينية، ويقودها ذوو أجندات فشلوا في تهييج الشارع بشعاراتهم الغوغائية فلجؤوا لأسلوب معاقبة الجمهور بلقمة العيش".
من المعروف أن موجة الغلاء ما هي إلا ارتداد طبيعي لجائحة كورونا، فهي تضرب في مشارق الأرض ومغاربها وليست هناك دولة لن تتأثر بها، والأراضي الفلسطينية المحتلة ليست استثناء، وأعتقد أن شعبنا الفلسطيني لم يعد يتفاعل مع الحملات التوتيرية والمناكفات الداخلية كما كان عليه الأمر قبل عدة سنوات.
أعتقد أن هناك من يسعى إلى خلق "أعداء" وافتعال "صراعات" لأنه عجز عن خوض غمار المعارك الحقيقية. وعلى سبيل المثال هناك تضخيم لضرورة المواجهة بين الروايتين الفلسطينية والإسرائيلية، وأنا أعتقد بعدم جدوى هذه المعارك، فحقنا في فلسطين ثابت والشمس لا تحتاج إلى دليل، والاحتلال يحاول تثبيت كيانه على أرض فلسطين بقوته وليس بأكاذيبه وروايته، وأنا أعتقد أنه من الأجدى بالنسبة لأنصار أوسلو الإنصات لما يقوله قادة الكيان الإسرائيلي وليس إلى الرواية الإسرائيلية. رئيس الحكومة الإسرائيلي يقول إنه " لن تكون هناك دولة فلسطينية ولا شبه دولة، وليس هناك في المنطقة قائد مهم يدعونا إلى التزام حل الدولتين"، ومن هذا المنطلق على منظمة التحرير أن تتصرف، دعونا من الرواية الإسرائيلية المزعومة للتاريخ، ماذا ستفعل منظمة التحرير الفلسطينية إزاء رفض العدو حل الدولتين؟ وقادة منظمة التحرير الآن يقولون إنهم يعملون على إعادة بناء الثقة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وأنا أقول إذا عجزتم عن بناء الثقة بعد 30 عاما من المفاوضات العبثية فمتى ستنجحون في بناء الدولة الفلسطينية؟
يقال إن هناك حملة دبلوماسية فلسطينية على أعلى المستويات من أجل إقناع دول العالم بحل الدولتين، وأعتقد أن جولات خارجية مكثفة سيقوم بها العديد من المسؤولين ومن بينهم رئيس الوزراء وربما وزير الخارجية وغيرهما، ومحصلة تلك الجولات هي المزيد من الخسائر المالية على حساب الشعب الفلسطيني في وقت نحن بحاجة فيه إلى كل درهم، أما محصلتها السياسية فلن تتجاوز الصفر، وهذه حقيقة تعرفها قيادة السلطة ولا تنتظر منا كشفها، وأعتقد أن الهدف منها هو سد الفراغات وخلق نضالات سياسية لا جدوى منها، مثل معركة الروايتين، أو مثل محاربة الغوغائيين ذوي الأجندات على رأي صاحبنا الذي لم يسمع بموجة الغلاء العالمية.