لا شك أن هناك تحديات كبيرة تواجه حركة حماس وقطاع غزة بشكل عام، في ظل تضييق الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ عشر سنوات، المصحوبة بإجراءات عقابية جديدة تفرضها السلطة والاحتلال معا هذه المرة، وآخرها ما تم الإعلان عنه حول توجه رئيس السلطة محمود عباس لإعلان غزة "إقليماً متمرداً".
ويعيش القطاع وضعا معاشياً واقتصادياً صعبا بعد توقف محطة توليد الكهرباء عن العمل، وخفض الاحتلال لكمية الكهرباء الواصلة لغزة، الأمر الذي يلقي بظلال سلبية على الوضع البيئي والمعيشي فيه.
تحديات كبيرة
وأمام ذلك، يتحدث الكاتب والمحلل السياسي هاني البسوس عن التحديات التي تواجه القطاع خلال المرحلة المقبلة، مبينا أن أولها هي الأوضاع الإنسانية التي تزداد صعوبة خاصة موضوع البنية التحتية كالكهرباء والمعابر وإدخال البضائع للقطاع، وكل ما يتعلق بأساسيات الحياة اليومية التي ما تزال تزداد عمقا.
وقال البسوس لصحيفة "فلسطين": "إن التحدي الثاني هو ما يتعلق بخطوات السلطة القادمة والمتمثلة بقطع رواتب عدد كبير من موظفيها بغزة أو إحالتهم للتقاعد، والتي بدأت بخصم 30% من رواتبهم وإحالة البعض للتقاعد، وقطع مخصصات الأسرى الأمر الذي يمثل تحديا للوضع الاقتصادي والبنية الاجتماعية".
والتحدي الثالث، كما تابع، يتمثل باللجوء إلى "المقاطعة المالية" بوقف أي مساعدات مالية على غزة، مشيرا إلى مقاطعة دول خليجية لقطر لأنها تدعم قطاع غزة في محاولات لتجفيف منابع الدعم المالي لغزة.
و"إعلان غزة إقليما متمردا" هو أحد التحديات الكبيرة التي تواجه القطاع، وفق البسوس، إلا أنه ذكر ان تطبيقه مسألة غاية في الصعوبة للسلطة، لأن الأمور ليست متوقفة على الإعلان بقدر ما هي متوقفة على إجراءات السلطة العملية في ذلك بالتعاون مع دول إقليمية من أجل عزل غزة فعليا عن العالم.
وتابع: "إذا ما تم إعلان القطاع إقليما متمردا فإن الوضع سيكون أكثر صعوبة"، مشيرا إلى أنه تحدثت قيادات بالسلطة عن هذه الخطوة قبل عدة سنوات، لكنها لم تؤد إلى تغيير الواقع.
والتحدي الخامس- بحسب البسوس- يتمثل باحتمالية حدوث الاشتباك الشعبي مع الاحتلال على حدود القطاع مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام1948م، الذي قد يؤدي إلى اندلاع مواجهة عسكرية بين المقاومة والاحتلال.
خيارات غزة
أما عن خيارات القطاع أمام هذه التحديات، أوضح أن أفضل خيار هو المصالحة المتعثرة منذ عام 2007م، رغم تشكيل حكومة الوفاق عام 2014م التي لم تتحمل مسؤولياتها تجاه القطاع.
لكن تشكيل حكومة أو لجنة بالتوافق مع القيادي بفتح محمد دحلان، والانفتاح مع مصر وفق البسوس، قد يكون البديل الأمثل لانعاش القطاع، والذي قد تدعمه مصر بقوة، معتبرا أن التصالح مع دحلان، أفضل الخيارات في المرحلة الحالية.
وعد التفاهمات الأخيرة بين حماس ومصر، خطوة متقدمة، ولكنها تحتاج إلى مزيد من الوقت لإعطاء غزة نوعا من الانتعاش.
ووافق الكاتب والمحلل السياسي حمزة أبو شنب رأي البسوس، معتبراً أن خطوات السلطة تجاه غزة تعزز حالة الانفصال بين غزة والضفة كوحدة جغرافية واحدة.
وقال أبو شنب لصحيفة "فلسطين": "إن هذه الإجراءات تؤدي إلى عدم تواصل السلطة مع غزة وكأنها تريد عزلها عن الضفة ما يخدم الاحتلال، ويعزز حصاره للقطاع، ويفاقم الوضع الإنساني والحالة الاقتصادية في غزة".
تعزيز انفصال
واعتبر أن خصومات الرواتب التي تصل لأكثر من 17 مليون دولار شهرياً تنعكس سلبا على الواقع الاقتصادي في غزة، موضحا، أن الاحتلال سيستفيد من هذه الخطوات بتعزيز الانفصال، خاصة أن لديه فكرة يسعى لتطبيقها لفصل الضفة عن غزة.
وأشار إلى أن هذه الأزمات مستمرة منذ عشر سنوات والتي قد تزداد تفاقما خلال المرحلة المقبلة مع ارتفاع نسبة البطالة وقلة فرص العمل بغزة.
وتطرق إلى مدى قدرة القطاع على إحباط تلك المخططات، مؤكدا أن القطاع يمتلك أوراق قوة كحالة الصمود بالرغم من الاستنزاف والانهاك الذي يعانيه الأمر الذي يجعله قادراً على إفشال تلك الإجراءات، في ظل توجه عام لدى المقاومة برفع الحصار وتعزيز الوحدة، وتحسين العلاقة مع مصر.
وعد ما يحدث من إجراءات عقابية بمثابة "عربون" من عباس لبدء مفاوضات التسوية تلبية لشروط أمريكا في ذلك، مضيفاً أن عباس يقامر بهذه القضايا، لأنه يعيش حالة من العزلة السياسية، فلديه إشكالية مع حماس، والجبهة الشعبية، وتيار القيادي بفتح محمد دحلان، في ظل اتخاذه قرارات منفردة، وغير منطقية.
وحول العلاقة مع مصر، أوضح أنه ما لم يلمس المواطن الغزي الخطوات المصرية على أرض الواقع فلا يمكن الحديث عن مصطلح انفراجة، مستدركاً بالقول: "لكن ربما تلطف الأجواء لتحسين العلاقة بين حماس ومصر خلال الأيام المقبلة، خاصة لأن غزة بالنسبة لمصر هي أمن قومي، ومصر بالنسبة لغزة بوابة على العالم الخارجي".