فلسطين أون لاين

خاص الحاج "الرفاعي".. شاهد رئيس على نكبات فلسطين ومآسيها

...
صورة أرشيفية
غزة/ صفاء عاشور:

"لو كان لدينا شباب وسلاح مثل شباب المقاومة وسلاحها بغزة ما كان ضاع شبر واحد من فلسطين"، كلمات تعبر عن ثقة مطلقة بالمقاومة أطلقها الحاج سليمان الرفاعي، الذي يُعد شاهداً على كل ما تعرضت له فلسطين منذ قبيل النكبة عام 1948 وحتى يومنا الحالي.

فالرفاعي من مواليد 1932 من سكان مدينة الرملة لا تزال ذاكرته محتفظة بتفاصيل دقيقة لكل الحوادث التي شهدتها القضية الفلسطينية وأهمها النكبة الفلسطينية، وبمواقف الدول العربية وجيوشها ضد العصابات الصهيونية.

تستمر الذاكرة في رسم تفاصيل القضية لتتحدث عن العدوان الثلاثي على مصر وتأثيره في فلسطين، ثم النكسة وحرب 73 لتأتي بعدها انتفاضة الحجارة الأولى وانتفاضة الأقصى والحروب الأربع الأخيرة على غزة.

ذاكرة الحاج الرفاعي صاحب الـ89 عاماً لا تزال قادرة على رسم تفاصيل قصة خذلان وضياع فلسطين بالتدريج، وقصة أمل وإيمان الشباب المقاومين بأنهم سيكونون أبطال التحرير في يوم ما.

يقول الرفاعي لصحيفة "فلسطين": "المقاومة في غزة استطاعت أن تصنع شيئا من المستحيل ولو هُيئت الظروف في الضفة الغربية لتكرار التجربة لما تبقى يهودي واحد في فلسطين، وسيفرون جميعهم لأنهم يعرفون أنهم ليسوا أصحاب الأرض، وأن من يستحقها هو من سيموت من أجلها".

وأضاف: "عشت عمراً طويلاً، وشهدت كل الحروب التي شارك فيها العرب والفلسطينيون من أجل تحرير فلسطين، وأيقنت أنه لولا الخيانات العربية لجيوشها لكانت فلسطين الآن حرة لا يوجد فيها أي صهيوني".

خيانة يتذكر تفاصيلها عندما صمدت الرملة بوجه عصابات الأرجون الصهيونية في 18-5-1948 لأيام تكبد على أثرها الاحتلال عشرات القتلى والخسائر، لتتدخل بعض الدول العربية والغربية من أجل توفير هدنة لشهر سمحت لهذه العصابات بالحصول على السلاح ومحاصرة الرملة من جهات عدة تمهيداً لإسقاطها بعد ذلك.

الرفاعي كان موجودا وقتها مع عائلته في مدينة الرملة التي سقطت بمجرد انتهاء الهدنة واستيلاء العصابات على مطار اللد بعدما خدعوا العرب والفلسطينيين بارتدائهم زي الجيش الأردني، ما سهل السيطرة على الرملة بشكل كامل.

التهديدات المباشرة بالقتل من العصابات الصهيونية لكل فلسطيني يبقى في منزله دفعت الكثيرين إلى ترك منازلهم خوفاً على حياتهم وعائلاتهم، وكان من ضمنهم عائلة الرفاعي التي خرجت من المدينة وكانت مكونة من أب وأم وأخت وأخوين.

طريق الهجرة لم يكن آمنا، فالعصابات اعتقلت الرفاعي على الرغم من صغر سنه حيث كان عمره وقتها 15 عاماً، إلا أنه نجح بالفرار منهم والالتحاق بجنود الجيش المصري الذين حوصروا في الفالوجة وخرج باتفاق مع الدولة المصرية.

وصلت العائلة إلى حي الزيتون بمدينة غزة ليبدأ الرفاعي بالعمل في مزارع الحمضيات وتصديرها إلى الأردن ومن ثم إلى الدول العربية والخليجية، لتستمر الحياة وتستمر معها النكبات الفلسطينية والحروب.

وفي كل حرب شهد عليها الرفاعي، كان يلمس تطور المقاومة الفلسطينية التي وصلت إلى أن تدك (تل أبيب) بصواريخها وترعب المستوطنين وتدخلهم إلى الملاجئ كالفئران، وقال: "جهد المقاومة في ظل الحصار أمر شبه مستحيل ولكن تحرير فلسطين يحتاج إلى أكثر من ذلك".

وأضاف: "فلسطين تحتاج إلى مقاومة في الضفة الغربية شبيهة لمثل الموجودة في غزة، وتحتاج إلى قيادة فلسطينية تبذل الغالي والرخيص للدفاع عن الأرض والمقدسات، كما أنها بحاجة إلى دعم عربي صادق وليس عميلا يعمل لحساب جهات غير فلسطينية".

ويؤكد الرفاعي أن المقاومة في غزة وصلت إلى مستويات عالية من القوة التي تجعل الاحتلال يخاف منها ومن أي ردة فعل يمكن أن تصدر عنها، ولكنها تحتاج أيضاً للتوحد تحت راية واحدة وليس ضمن فصائل تعمل منفردة وحسب مصالحها.

ولا يزال حلم العودة للرملة يراود الحاج الرفاعي الذي يتمنى أن يصطحبه أحفاده في يوم من الأيام لها ليعيش ما تبقى من حياته فيها ويدفن عند البيت الذي ولد فيه.