فلسطين أون لاين

​حنينٌ إلى الحكواتي وأناشيد الأطفال بحارات القدس

...
القدس المحتلة - غزة / مريم الشوبكي

رمضان في القدس غير، رمضان يعني أن هناك أطفالًا تجوب الحارات وهي تغني أغاني رمضان، وتحمل في أيديها الصغيرة فوانيس مصنوعة من علب الصفيح والشمعة، رمضان هو أن تجد باب بيتك يدق قبل أذان المغرب وفي يد أحد الجيران طبق شهي لك.

ما بين الحاضر والأمس مازالت تحتفظ المدينة العتيقة بعاداتها الرمضانية التي اندثر بعضها بفعل التهجير والإجراءات الإسرائيلية التعسفية بحق أهلها، ولكن الاحتفال بأجواء رمضان يصنعه المقدسيون رغمًا عن أنف كل المعوقات، لأن رمضان في فلسطين يعني القدس.

المقدسي مصطفى أبو زهرة تجاوز 72 من عمره، يتحدث لـ"فلسطين" عن العادات التي تشتهر بها مدينة القدس في رمضان، وما يحن إليه من عادات لم تعد موجودة وفقدت، كمشاهد لمة العائلة بين الحارات قديمًا، وتبادل سكان الحي أصنافًا من المأكولات والحلويات.

قال أبو زهرة : "أكثر ما يعطي رونقًا لرمضان في القدس هي الأكلات الشعبية التي تصنع على البسطات التي تنتشر في المدينة، وتقدم القطائف، والبرازق، والكعك المقدسي".

وبين أن أبرز الحلويات الرمضانية التي كانت تصنعها النساء في البيوت قديمًا ومازلن حتى الآن "الماوردية" (مهلبية قمر الدين)، إضافة إلى المهلبيات بأنواعها، ولكن عروس المائدة الرمضانية هي "القطائف" التي يجب أن تكون في بيوت كل المقدسيين.

وتنشط حركة "البسطات" في المدينة المقدسة التي تقدم أنواعًا من المقبلات التي لا تخلو منها أي سفرة رمضانية، كالحمص (وهو طبق رئيس)، والفلافل خاصة الفلافل المحشوة بالبصل والسماق، وينتشر باعة المشروبات الرمضانية كشراب قمر الدين، والخروب، والكركديه.

والعادة الأبرز في مدينة القدس هي التوجه نحو الأقصى لتأدية الصلوات فيه، خاصة صلاة التراويح والتهجد والاعتكاف، فيؤم المسجد الأقصى عدد كبير من الفلسطينيين من مدن الضفة الغربية والداخل المحتل، وبعض العائلات تحرص على تناول طعام الإفطار فيه، وتقدم موائد إفطار للصائمين الموجودين فيه، وفق حديث أبو زهرة.

الحاج أبو زهرة يملك محلًّا لبيع المواد الغذائية في باب العامود، وهو الواجهة التجارية الأشهر، وينحدر من منطقة تسمى وادي الجوز، وهو حي شعبي كبير قريب من البلدة القديمة، ولكن حاليًّا انتقل إلى العيش في حي شعفاط.

يحن أبو زهرة إلى صوت المسحراتي الذي كان يجوب أحياء وحارات القدس واختفى حاليًّا، ويشتاق إلى مشهد الأطفال الذين يجوبون الشوارع بعد صلاة المغرب وهم ينشدون أغاني رمضان ويتلقون الهدايا من أهالي الحي، وهو ما كان يضفي نوعًا من البهجة.

ويفتقد أيضًا الحكواتي الذي كان مكانه المقهى الموجود في باب العامود، وكان يقص حكاياته قبل ظهور "الدش" والفضائيات، وكان يحرص المقدسيون على المجيء إلى المقهى لسماع حكاياته على مدار الشهر الفضيل، وما يثير حزنه هو تحول كثير من المقاهي التي كانت منتشرة في المدينة إلى محال تجارية.

مظاهر احتفاء المقدسيين برمضان _كما بين أبو زهرة_ اقتصرت على تعليق زينة رمضان فقط من أضواء وفوانيس وأهلة على جدران البيوت، ومداخل المدينة والأحياء، ولم يعد الصخب الاجتماعي له وجود في المدينة.

وقال أبو زهرة : "في رمضان أبيع في محلي كل ما هو متعلق بالشهر الكريم من أغذية، مثل: قمر الدين، ونبتة السوس، وعيدان الخروب، وأوراق الكركديه".