فلسطين أون لاين

تحليل استمرار لقاءات السلطة مع الاحتلال و"التنسيق الأمني" يُشجعان التطبيع

...
صورة أرشيفية
غزة/ صفاء عاشور:

استمرار لقاءات السلطة في رام الله مع الاحتلال الإسرائيلي، وتعزيز التنسيق الأمني وتوسيعه شجعا العديد من الدول العربية على السير في نهج التطبيع وتوقيع اتفاقات مع (تل أبيب)، متخطين كل الخطوط الحمراء المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وفق ما يقول محللان سياسيان.

وأكد المحللان في حديثين منفصلين مع فلسطين"، أن تذرع بعض الأنظمة العربية أو الإسلامية بتطبيع السلطة مع الاحتلال هو عذر "وقح"، وأن الطمع في تحقيق مكاسب سياسية، أو اقتصادية، أو أمنية لن يتحقق على حساب القضية الفلسطينية.

وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية في حكومة الاحتلال يائير لابيد إن (إسرائيل) بصدد توقيع اتفاقيات تطبيع جديدة مع دول رفض الكشف عن هويتها.

وأضاف: "يتم هذا الجهد بمساعدة الولايات المتحدة والبحرين والمغرب والإمارات"، دون أي تعليق من تلك الدول.

خطورة كبيرة

الكاتب والمحلل السياسي، تيسير محيسن، رأى أنه لا يوجد مبرر لأي من الأنظمة العربية أو الإسلامية للسير في مسار التطبيع مع الاحتلال مهما كانت المغريات المادية والاقتصادية، منبهاً إلى أن القضية الفلسطينية ليست مقتصرة على الفلسطينيين وحدهم، بل هي قضية عربية وإسلامية.

وقال محيسن في حديث لـ"فلسطين":" إن العالم العربي والإسلامي أنظمةً وحكوماتٍ وشعوبًا يمكن أن يكون لهم موقف مع القضية وقد يكون أحياناً متقدما عن الموقف الفلسطيني فيما يتعلق بالتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي".

وأضاف: "ولكن خلال السنوات القليلة الماضية باتت بعض الأنظمة العربية ترى أنه يجب ألا تكون ملكية أكثر من أصحاب المُلك أنفسهم، وهم الفلسطينيون، واتخذوا توجه بعض الأطراف الفلسطينية ممثلة بالسلطة بالتعامل مع الاحتلال والتنسيق معهم عذراً لتوقيع اتفاقات تطبيع عالية المستوى".

وبين أن استمرار السلطة بالتنسيق والتطبيع مع الاحتلال عزز لدى فريق من الأنظمة العربية وأعطاهم الفرصة والجرأة في الذهاب لمستوى كبير من توقيع اتفاقيات سلام مع الاحتلال تحت سقف أن أهل القضية هم في مقدمة من طبع مع الاحتلال.

ولفت محيسن إلى أن توجه عدد من الدول تحت هذه الحجج للتطبيع مع الاحتلال يمثل خطورة كبيرة على القضية الفلسطينية وعلى كل جهة تدعم مقاومة ومحاربة الاحتلال، مشيراً إلى أن الأنظمة العربية المطبعة تقدم تعاونا ملموسا وكبيرا وتعمل على توفير معلومات كبيرة على أرض الواقع عن الفلسطينيين.

وأردف:" كما أن هذه الجهات المطبعة تسمح بقيام دولة الاحتلال بعمليات تجسس على الشخصيات والتنظيمات، وتسمح لهم بملاحقة الشخصيات المطلوبة للاحتلال التي تتبنى نهج المقاومة أو تدعمها".

ونبه إلى أنه من غير المستبعد أن تتحول هذه الاتفاقات السياسية لتنسحب على بروتوكولات تعاون بين هذه الأطراف في المجال الأمني والاقتصادي وليس السياسي فقط، ويمكن أن تشهد تطورا وتعاونا بين هذه الأطراف لتؤسس لعمل منظم ذي تأثير سلبي كبير في مستقبل القضية الفلسطينية.

المحور الإسرائيلي الأمريكي

من جانبه قال منسق الحملة الشعبية لمقاطعة بضائع الاحتلال، خالد منصور، إن بعض الدول العربية كانت تطمح وتسعى إلى التطبيع مع الاحتلال منذ عشرات السنوات، إلا أن ظروف القضية الفلسطينية لم تكن تسمح لها بالإعلان عن هذه الطموحات.

وبين منصور في حديث لـ"فلسطين" أن بعض الأنظمة العربية المتهالكة التي تعتقد أن وجودها يتم بفضل الحماية الأمريكية رأت أن تحسم أمورها على المكشوف وتتذرع بأن الفلسطينيين يطبعون مع الاحتلال منذ سنوات وأنه لا مانع من القيام بالخطوة نفسها.

وأضاف "أن الأنظمة العربية التي طبعت "وقحة" وتستخدم العلاقة الفلسطينية مع (إسرائيل) المحكومة باتفاقية أوسلو ذريعة"، مستدركاً:" ولكن هم حسموا أنفسهم في المحور الإسرائيلي الأمريكي في مواجهة كل طموحات وتطلعات الشعوب العربية وغيروا من العدو الأساسي وهو (إسرائيل) وحولوه إلى إيران".

وأكد أن هناك خطورة كبيرة على القضية الفلسطينية من اتفاقات التطبيع التي تعد خنجرا في ظهر الشعب الفلسطيني، لافتاً إلى أن الفلسطينيين كانوا يتطلعون إلى أن يقف معهم العالم العربي أمام هجمة الاحتلال على كل ما هو فلسطيني، ولكن العكس هو ما حصل.

ونبه منصور إلى أن (إسرائيل) وجدت أن عددا من الأنظمة العربية لم تعد ملتزمة بما تعرف بـ"مبادرة السلام العربية" التي ترفض التطبيع مع الاحتلال إلا بعد انسحابه من الأراضي المحتلة سنة 1967 وقدمت هذه الدول فرصة للتطبيع دون أن تقدم لهم (إسرائيل) أي تنازلات تذكر.

وأشار إلى أن الإمارات والبحرين بررتا موقفهما من التطبيع بأنه من أجل وقف سياسة الضم وحماية حي الشيخ جراح والقدس ولكن قد انكشف زيف ادعاءاتهما بسبب استمرار هجمة الاحتلال على القدس واستمرار سياسة الاستيطان في الضفة الغربية.

وأردف منصور:" إن الاحتلال نجح في تحقيق مكاسب على أرض الواقع وعلى رأسها المكاسب الأمنية، حيث باتت الأنظمة العربية توفر للاحتلال معلومات أمنية وتسمح بإقامة قواعد تجسس في أماكن حساسة تشكل خطراً على الفلسطينيين الموجودين في الكثير من الدول العربية".

وأعلنت أربع دول عربية، هي: الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، إقامة علاقات دبلوماسية مع الاحتلال الإسرائيلي بوساطة أمريكية في 2020، فيما عُرف باسم "اتفاقيات أبراهام"، وسط تنديد واسع من أوساط فلسطينية وعربية.