هل ثمة بوادر أزمة بين حكومة بينيت وإدارة البيت الأبيض. ثمة قضيتان هما موضع نقاش وخلاف بين الطرفين؛ القضية الأولى: إعادة فتح قنصلية أمريكية شرقي القدس لخدمة المواطنين الفلسطينيين قنصليًّا. والقضية الثانية: طرح حكومة بينيت عطاءات لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية داخل التجمعات الكبيرة، وفي التجمعات المعزولة.
في القضية الأولى تعترض حكومة بينت على فتح قنصلية لخدمة الفلسطينيين في شرق القدس، لأن المغزى السياسي لهذه القنصلية هو التراجع الأمريكي عن تأييد ضم القدس وتوحيدها تحت السيادة الإسرائيلية، وهو الموقف الذي اتخذه الرئيس ترامب، وفرضه على الإدارات الأميركية اللاحقة. سياسة بايدن والديمقراطيين يرون أن الإجراءات أحادية الجانب لا تساعد على الاستقرار، وتهدد فرص السلام، ومن ثمة اتخذت إدارة بايدن موقفًا وسطًا، فهي لم تلغِ قرار ترامب المتعلق بالسفارة والقدس، ولكنها في الوقت نفسه تريد إشعار الطرف الفلسطيني أن هناك ما يمكن الحديث فيه ومناقشته بشأن القدس.
هذه السياسة البرغماتية التي يديرها بايدن بشأن القنصلية لا تعجب اليمين الإسرائيلي، ومن ثمة دافعت الصحف اليمينية ومنها معاريف عن معارضة حكومة بينيت لفتح القنصلية في القدس، واقترحت على بايدن فتح قنصلية في أبو ديس خارج نطاق مدينة القدس الموحدة. وزعمت أن القنصليات لا تفتح عادة في العرف الدولي والدبلوماسي في العاصمة بل في خارج العاصمة، وذكرت بايدن أن حكومة (إسرائيل) سيدة قرارها.
وفي القضية الثانية قضية التوسع الاستيطاني، وهو الإعلان الإسرائيلي الأول في عهد حكومة بايدن، حيث ترى فيه إدارته إجراءً أحاديًّا، ويعمل على منع حل الدولتين، ويبعث على عدم الاستقرار، لذا أعربت الإدارة الأميركية عن قلق أميركي حقيقي من المناقصات المعلنة مؤخرًا. الطرف الإسرائيلي، وحيث تقود الحكومة جهات مؤيدة للاستيطان، وترفض حل الدولتين، تحاول أن تقفز عن القلق الأمريكي، والقلق الفرنسي، وكذا الاعتراض الصادر عن المؤسسات الأممية.
إذن ثمة تناقض بين البيت الأبيض وحكومة بينيت في هاتين القضيتين، ومع ذلك نحن نعلم أن إدارة بايدن لا تريد سقوط حكومة بينيت-لبيد، ولا تريد عودة نتنياهو، وبالتالي كيف ستحل المأزق أو الأزمة المحتملة، بين رغبتها باستمرار حكومة بينيت، وقلقها من الاستيطان ورغبتها بفتح قنصلية شرقي القدس؟!
هل ترتفع درجة حرارة التعارض لمستوى التحدي، ومن ثمة الوصول إلى أزمة، أم أن الأمر لن يتجاوز القلق الكلامي، والبيانات الورقية؟! الأيام القادمة تحمل القول الفصل، مع أن المكتوب يُقرأ من عنوانه، والعنوان يقول (إسرائيل) ولد مدلل في أمريكا.