يُثير الارتفاع المتصاعد في أسعار السلع التموينية والبضائع قلق المستهلكين، خاصة مع محدودية الدخل وتردي الوضع الاقتصادي، وطالبوا الجهات المسؤولة بالتدخل العاجل لوقف التلاعب في الأسعار واحتكار السلع، فيما عزت وزارة الاقتصاد الوطني الأمر للارتفاع العالمي في أسعار العناصر الإنتاجية والطاقة وارتفاع تكاليف النقل والشحن الداخلي والخارجي.
وذكر إياد سمير، صاحب محل لبيع المأكولات الشعبية في رفح جنوب قطاع غزة، أنه يواجه مشكلة مع ارتفاع أسعار مدخلات العملية الإنتاجية المستوردة.
مدخلات أساسية
وأوضح سمير لصحيفة "فلسطين" أن المواد الأساسية طرأ عليها ارتفاع متواصل منذ شهر ونصف تقريبًا، ما جعله أمام تحدٍ كبير، إما البقاء والبيع بسعر مرتفع لا يناسب وضع المستهلك، وإما إغلاق منشأته.
وأشار سمير الذي يبيع الفول والفلافل والحمص، أن سعر جالون زيت الطهي قفز من 60 شيقًلا إلى 95 شيقلًا، وشوال البازيلاء الصغير ارتفع من 50 شيقلًا إلى 75 شيقلًا.
ودعا وزارة الاقتصاد الوطني إلى توضيح الأسباب الحقيقية للارتفاع، والتدخل لدعمهم وحمايتهم خاصة من تجار استغلوا الحاجة والارتفاع في احتكار الأسعار.
من جهته أوضح التاجر بلال التمراز أن الارتفاع في الأسعار، لم يقتصر على السلع الأساسية والتموينية وحسب بل طال سلعًا أخرى.
وبيّن التمراز لصحيفة "فلسطين" أن سعر حاوية قطع غيار المركبات والزيوت المستوردة من الخارج ارتفع من 3 آلاف إلى 13 ألف دولار، واصفًا الارتفاع بـ"الجنوني".
ونبه أنه إذا بدأ الاحتلال في فرض ضريبة (6%) على البضائع الواردة عبر موانئه، فإن ذلك سيزيد سعر البضائع المستوردة، سواء الموجهة للسوق الفلسطيني أو الإسرائيلي، مشيرا إلى أنه أصدر قرارًا بتطبيق هذه الضريبة قبل عامين، لكنه أجّله بسبب تفشي جائحة كورونا.
فيما عزت وزارة الاقتصاد الوطني، خلال مؤتمر صحفي عقدته أمام مقرها في مدينة غزة، أمس، ارتفاع أسعار بعض السلع في القطاع إلى الارتفاع في الأسواق العالمية، مشيرةً إلى أنها تسعى لملاحقة المحتكرين والمتلاعبين في الأسعار.
وأوضح المدير العام للدراسات بالوزارة أسامة نوفل أن ارتفاع الأسعار لم يقتصر على قطاع غزة فقط، إنما العالم يشهد ارتفاعًا في بعض السلع الأساسية.
وبيّن نوفل لصحيفة "فلسطين" على هامش المؤتمر، أن معدل الارتفاع في المستوى العام للأسعار ارتفع بنسبة (16%) خلال النصف الأول من العام الجاري، وكان له تداعياته السلبية على السلع الغذائية الأساسية كالطحين والأرز والسكر والزيوت النباتية والأجبان، كما بلغ معدل الارتفاع في السلع الأساسية والغذائية ما نسبته (10%).
وعزا نوفل الارتفاع إلى تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي، وصعوبة إمدادات الغذاء وانخفاض معدل النمو، وارتفاع أسعار الشحن وتعطل سلاسل التوريد العالمي، وارتفاع أسعار الطاقة، علاوة على ذلك التغيرات المناخية التي تؤثر على إنتاج الدول المنتجة للغذاء وأهمها روسيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وأشار إلى أن ما نسبته (80%) من استهلاك قطاع غزة من السلع الأساسية مصدره الاستيراد من الخارجي.
سياسة داعمة
بدوره قال عبد الفتاح أبو موسى المدير العام للإدارة العامة للمكاتب الفرعية وحماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني: إن الوزرة أحالت ثلاثة تجار للنيابة العامة لرفعهم أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية، وحررت (30) محضر ضبط بحق تجار آخرين، موضحًا أن التجار الذين أُحيلوا إلى النيابة العامة ستُتخذ بحقهم الإجراءات القانونية.
وأكد أبو موسى خلال المؤتمر الصحفي أنهم سيتخذون أقصى العقوبات بحق كل التجار المتلاعبين ومحتكري الأسعار ومستغلي الظروف التي يمر بها القطاع من الإغلاق والحصار المشدد وحاجة المواطنين لهذه السلع والمواد.
وحذّر التجار من رفع سعر أي سلعة دون الرجوع إلى وزارة الاقتصاد وتقديم المبررات اللازمة، مشيرًا إلى أن طواقم حماية المستهلك نظمت العديد من الجولات الميدانية والتفتيشية على المحال التجارية لمراقبة الأسعار.
ارتفاع 6 أضعاف
من جهتها قالت وزارة الاقتصاد برام الله، إنها لن تسمح بالتغوّل على أسعار السلع الأساسية في الأسواق في ظل ارتفاع أسعارها عالميًا، مشيرة إلى أنها لم ترصد أي مخالفات أو ارتفاعات مجحفة في الوقت الراهن لهذه السلع.
وأكد المدير العام لإدارة حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد برام الله إبراهيم القاضي، أن الارتفاع الذي تسمح بها وزارته هو الارتفاع المقبول الذي يتناسب مع ارتفاع السلعة عالميًا بالإضافة لسعر الشحن العالمي، والذي ارتفع بالمناسبة لـ 6 أضعاف قبل جائحة كورونا.
وأوضح القاضي أن هذا الارتفاع بدأ مطلع يونيو الماضي، لافتًا إلى أنه وحتى اللحظة هناك استقرار على أسعار السلع الرئيسة.
وأشار إلى أن التجار والشركات تبيع بالأسعار القديمة السابقة، مؤكدًا أن الارتفاع سيكون على السلع التي تم استيرادها شهر سبتمبر.
وأكد مدير دائرة حماية المستهلك، أن وجود السلعة هو الأهم في هذه المرحلة لدى الوزارة.
وقال" تكمن الأهمية حاليا بالتأكيد على تجار السلع الأساسية والموردين وتشجيعهم للاستمرار باستيراد هذه السلع وتوفيرها للسوق المحلي، على الرغم من ارتفاعها العالمي وتخوف بعض الشركات والتجار".
وأضاف "نحاول توجيه هؤلاء التجار والموردين بالاستيراد من مصادر أقل كلفة من ناحية الإنتاج والشحن، فمثلا بدلا من استيراد الأرز من أمريكا وأستراليا ممكن استيراده بأقل كلفة من البرتغال".
وأكد أن السوق الفلسطيني هي الأقل تأثرا في المحيط الإقليمي، نظرا لصغر حجم السوق الفلسطيني بالنسبة للأسواق المحيطة التي ارتفعت فيها الأسعار للضعف، "ولأن مخازن التجار والشركات كانت ممتلئة بالسلع الرئيسية لذلك لم نتأثر بالموجة العالمية كما الدول المحيطة والأسعار مستقرة نسبيا".