فلسطين أون لاين

"المسارات البيئية" تشجع السياحة الداخلية وتستكشف النظام الحيوي

...
صورة أرشيفية
غزة/ هدى الدلو:

في أرض العم "أبو سليمان خشان" تجمعوا ليحدثهم عن تاريخ المنطقة وأيام زمان، بعد أن زاروا وادي عودة وشاركوا الأهالي في قطف ثمار الزيتون في الأراضي التي اجتازوها ضمن جولة مسار بيئي قطعوه في منطقة القرارة شرق مدينة خان يونس.

في مسار جديد ساروا به بين أشجار الصبر والأراضي الزراعية، ووقفوا عند تلة الشيخ حمودة والخِرب، واكتشفوا لُقى أثرية مثل الفخاريات والفسيفساء وكُرة المنجنيق.

يقول الفنان التشكيلي محمد أبو لحية، مؤسس ومدير متحف القرارة الثقافي، أن المسارات بدأت في عام ٢٠١٩ جولات في فصل الربيع تستهدف مجموعة من أطفال منطقة القرارة.

ويوضح أنه الفكرة لمعت في رأسه من واقع المكان الريفي الذي يعيش فيه وتحيط به معالم قديمة، "فربطنا الطبيعة والمعالم التاريخية بالتعليم الثقافي من خلال تنظيم مسارات بيئية مشيًا على الأقدام لمجموعات من الأفراد والمؤسسات، نسرد خلالها حكاية وقصة كل مكان، ونربط الإنسان بأرضه، ونعرفه بقيمتها".

ويلفت إلى أن هذه المسارات تشجع السياحة المحلية من خلال الشراء من المزارعين وأصحاب الحرف والمهن، والمحافظة على البيئة وتنظيف الأماكن الطبيعية والمعالم الأثرية، واكتشاف أماكن أثرية وطبيعية خلال المسار.

ويذكر أبو لحية أن المسارات غير محددة بوقت في السنة، وتنظم صيفًا وشتاءً، وغير مرتبطة بأي مناسبة، ويمكن ربطها إذا أراد المنظمون ذلك أو الجهات المشاركة، وتستهدف جميع الفئات العمرية كبارا وصغارا، وحتى ذوي الإعاقة.

عدّ الإقبال على المشاركة متوسطًا بسبب عدم الوعي عند المجتمع بأهمية المسارات، "وهذا يحتاج من المنظمين إلى عمل لقاءات توعوية بأهمية المسارات، وما ينعكس من فائدة على مستوى الأفراد والمجتمع".

ويلفت إلى أن ثقافة المجتمع وعدم الوعي يمكن أن يسببا الحرج للزوار بسبب عدم تقبل الفكرة، وتحدي المشي مسافات كبيرة تتجاوز ٥ كيلومترات، يمكن أن يستصعبه بعض المشاركين، خاصة في فصل الصيف، وعدم تحديد خط سير ووضع علامات يعيق التحكم في اتجاهات تلك المسارات.

ويأمل أبو لحية العمل على تشجيع جميع فئات المجتمع على تنظيم مسارات للأماكن الطبيعية والتاريخية والحفاظ على البيئة، وعمل مبادرات للحفاظ على المعالم التاريخية والأثرية.

ومن وجهة نظر أبو لحية فإن الاحتلال يراقب المسارات القريبة من السياج الأمني الفاصل شرقي قطاع غزة مثل وادي عودة، والمناطق الطبيعية الأخرى.

الحد من الأذى البيئي

ومن جهته، يرى الدكتور عبد الفتاح عبد ربه الأستاذ المساعد في تخصص البيئة وعلم الحيوان في قسم الأحياء بكلية العلوم بالجامعة الإسلامية أن المسارات التي يقيمها أفراد أو مؤسسات لها جانب إيجابي مهم في التوعية البيئية، والتعلم البيئي.

وشارك عبد ربه في العشرات من المسارات التي كان لها أثر طيب في نفسه والمشاركين، خاصة أن هناك الكثير من الأماكن التي يمكن أن تستهدف في المسارات البيئية كوادي غزة، ومنطقة المواصي، والبيئة البحرية، ومحطات المعالجة الخاصة بالمياه العادمة، ومناطق أخرى من البقع الساخنة.

ويشير عبد ربه إلى أن المشاركات في الغالب تكون من الجنسين الذكور والإناث، ويتعلمون فيها بعض المصطلحات البيئية، ويمارسون بعض الأنشطة ذات العلاقة، فيكتسبون خبرة ويتعرفون على البيئة الفلسطينية التي لولا المسارات لم يكن ليعرفوها سوى بسماعهم عنها.

ويضيف: "يتعرف الشباب في هذه المسارات على بعض أنواع النباتات والحيوانات الموجودة في المنطقة، ويدركون أهمية التنوع الحيوي، وضرورة الحفاظ عليه، لذلك لا بد من الاهتمام بالنظم البيئية والتنوع، وهذا التعرف يدفع الناس للتقليل من الأذى الناتج عنهم تجاه البيئة والحفاظ عليها".

ويصف عبد ربه المسارات بأنها جميلة وتؤدي الغرض في التعريف بالبيئة وتنمي جوانب المعرفة البيئية، لكن تنقصها المتابعة من الجهات المسئولة عنها، وعليهم إيجاد الطرق المناسبة للمحافظة على نباتات وحيوانات معينة.

ويلفت إلى أن اهتمام المسارات بفئة الشباب لكونهم الفئة الأفضل في تأدية الرسالة والتوعية البيئية، ويساهم، بشكل فعال في النظم المعرفية البيئية، متمنيًا من المنظمين المتابعة الدائمة لها حتى لا تقل قيمتها فمن لم يتجدد يتبدد.

ويحث عبد ربه القائمين على المسارات على البحث عن المناطق ذات الأهمية الكبرى مثل الأودية والتعرف إلى المشكلات التي تواجهها، إلى جانب المناطق التي تملك تنوعًا حيويًا، واصطحاب الكتب الدليلية، والمناظير، والكاميرات، فهي جوانب مهمة لإتمام مسارات.