في هجرة ونكبة جديدة للاجئين الفلسطينيين في سوريا، قضى اتفاق مبرم ما بين قوات المعارضة السورية، والنظام السوري، على إخراج جميع سكان مخيم خان الشيح اللاجئين الفلسطينيين إلى مدينة ادلب أقصى الشمال السوري، وذلك كشرط أساسي لوقف استهداف المخيم بالقصف والحصار.
ووفقا لمصادر إعلامية من داخل مخيم خان الشيح جنوب العاصمة السورية دمشق، ومؤسسات مهتمة بشأن اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، فإن دفعتين تحملان المئات من العائلات الفلسطينية التي تسكن المخيم خرجت فعليًا نحو مدينة ادلب عبر حافلات خاصة جلبها النظام السوري لنقلهم عبرها.
وشدد المدير التنفيذي لمركز العودة في لندن، طارق حمود، على أن إخراج اللاجئين من مخيم خان الشيح، ليس إلا "تهجيرًا مدروسًا"، ولا يمكن اعتباره خارج سياق المؤامرة التي تنفذ ضد اللاجئين الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم.
وأشار حمود لصحيفة "فلسطين" إلى أن اتفاق إخراج اللاجئين تم في إطار صفقة، كما لو يقول للاجئين الفلسطينيين من أبناء المخيم إن عليكم الانصياع للهجرة الجديدة أو البقاء لتموتوا تحت القصف والاستهداف.
ولفت إلى أن تهجير سكان مخيم خان الشيح، ليس الأول في نطاق استهداف سكان المخيمات في سوريا، إذ إنه الثالث بعد مخيم اليرموك والذي لم يتبق فيه بعد الحصار والاستهداف سوى 2500 لاجئ من أصل 220 ألف لاجئ، ومخيم سبينة الذي لم يتبق فيه أي لاجئ على الإطلاق بعد تدميره.
وأكد حمود وجود منهجية واضحة جدا في تدمير المخيمات الفلسطينية، وإفراغ قاطنيها اللاجئين من السكان خدمة لأهداف مختلفة، كما جرى في مخيم درعا، وحندرات، فيما أن ذلك يجري في ظل صمت غريب ومدهش من كافة الجهات الفلسطينية.
وأوضح أن اللاجئين من أبناء المخيم الذين صمدوا رغم ما جرى في المخيم من استهداف وحصار، وقعوا ضحية لاتفاق ليسوا طرفا فيه، لافتا إلى أن الحالات التي اختارت البقاء في المخيم عليها كما يتحدث النظام السوري أن تقبل ما سيقع في حقها من قتل أو اعتقال أو قصف بالطائرات.
وذكر حمود أن تهجير اللاجئين من المخيم تجاه أقصى نقطة في الشمال السوري، وهي مدينة ادلب، يشير بوضوح إلى أن هذا التهجير يقصد عبره دفع اللاجئين للخروج طوعا بعد وصولهم لإدلب نحو الجمهورية التركية، ومن ثم التوجه لأوروبا.
وتابع حمود "ما جرى هو تهجير واضح لا يمكن أن تخطئه العين، وقد اشترط النظام السوري إخراج كل من في المخيم وبالأسماء سيما من حمى المخيم، ومن عمل في إغاثة سكانه، وتعزيز صمودهم".
وشدد على أن 600 ألف فلسطيني لاجئ يتم تشتيتهم وتهجيرهم في نكبات جديدة، وسط صمت رهيب، مؤكدا أن لا قيمة لأي اجتماع أو مؤتمر فلسطيني أو فصيل ما لم يكن عنوانه ما يجري من تهجير لفلسطينيي سوريا.
وعانى لاجئو مخيم خان الشيح ومنذ بدء الثورة السورية عام 2011 أحداثا مختلفة، تنوعت ما بين القتل والاعتقال ومنع التنقل، عوضا عن سياسة الحصار، والتي بدأت منذ مطلع شهر سبتمبر/ أيلول الماضي.
وتعرض المخيم خلال الفترة القريبة الماضية إلى سلسلة من الغارات الجوية العنيفة لطائرات النظام السوري والروسي، استخدم فيها قنابل محرمة دوليًا، وقد أدت إلى ارتقاء عدد من الشهداء والجرحى والحاق دمار هائل في البنى التحتية في المخيم.
ووفقا لمؤسسات حقوقية وأممية مختلفة، فإن نحو 12 الف لاجئ من أصل 30 ألفًا هم فقط من تبقى داخل المخيم، وذلك بسبب الاستهداف المستمر للمخيم، ودون الاستجابة لدعوات تحييده عن دائرة الصراع ما بين النظام والمعارضة.
من جهته، قال عضو مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، ماهر شاويش إن إخراج اللاجئين من مخيم خان الشيح، يلقي بظلال سوداء جديدة على قضية اللاجئين في سوريا، ويزيد من حالة الوجع الدائرة بحقهم.
وأضاف شاويش لصحيفة "فلسطين"، أن النظام السوري وحلفاءه استمروا في استهداف المخيم طيلة الفترات الماضية بالقنابل والصواريخ المحرمة دوليا، وطالبوا في نهاية المطاف بخروج الجميع منه باتجاه مدينة ادلب حيث تسيطر المعارضة.
وشدد على أن تخوفات واسعة من مصير مجهول حتى لمن سيتم اخراجه من المخيم نحو ادلب، حيث لم يخرج اللاجئون إلا بمتاعهم الشخصي، ولا يعرف أين سيمكثون ويسكنون، ليكون الخيار أمامهم الخروج من سوريا بشكل تام نحو تركيا.
ولفت شاويش إلى أن مخيم خان الشيح، من أكبر المخيمات الفلسطينية في سوريا، ومن أكثرها عددًا في السكان بعد مخيم اليرموك، وأن الواضح بشكل جلي وجود مؤامرة حقيقية على اللاجئين في سوريا، للعمل على تشتيتهم وإنهاء تجمعاتهم.
وتأسس مخيم خان الشيح للاجئين الفلسطينيين عام 1950 ويقطنه اللاجئون الذين ينتمون لمناطق الجليل الأعلى من مدن طبريا والناصرة وصفد في فلسطين المحتلة، ويبعد عن مركز العاصمة 25 كم ويطلق عليه أهله اسم مخيم العودة.