(الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فلسطين، والحق، واتحاد لجان العمل الزراعي، واتحاد لجان المرأة العربية، ومركز بيسان للبحوث والإنماء). هذه ست مؤسسات فلسطينية تعمل في مجال حقوق الإنسان، باتت بقرار من حكومة الاحتلال أمس الجمعة منظمات إرهابية، ويطبق عليها قانون الإرهاب بحسب التصنيف الإسرائيلي.
المؤسسات المذكورة مؤسسات قديمة تعمل في مجال حقوق الإنسان منذ سنوات طويلة، ولها شراكة مع جهات دولية مانحة، وهي تمارس عملها داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولها تراخيص عمل سارية المفعول من السلطة الفلسطينية بحسب القانون الفلسطيني، والسلطة الفلسطينية سلطة تحظى باعتراف دولي، وهي مراقب في الأمم المتحدة، ومن ثم ليس لدولة الاحتلال مدخل قانوني بحسب التشريعات الدولية للاعتراض على هذه المؤسسات، أو دمغها بتهمة الإرهاب، بناء على تقارير إسرائيلية تفتقر للمصداقية والنزاهة.
المنظمات المذكورة لها تقارير رقابية ذات مضامين نقدية لأداء السلطة، أو لأداء الفصائل في مجال حقوق الإنسان، وعندها تقارير دفاعية عمن يتعرضون للظلم والإيذاء، ولا سيما في مجال المرأة والعمل والمزارع والطفل، وخلاف ذلك، وتجتهد أن تكون تقاريرها موضوعية وذات مصداقية في العلاج، وهي ترسلها للجهات المعنية للاستفادة منها، وإصلاح القرارات موضوع النقد، وتعديل القرارات الجديدة بما يتلاءم مع القانون الدولي وحقوق الإنسان، وعليه، فهي ليست منظمات أمنية أو عسكرية.
وإذا كانت حكومة اشتية قد انتقدت التدخل الإسرائيلي والقرار الإسرائيلي، وكذلك رفضته الفصائل، ويرفضه الشعب الفلسطيني، فإن الواجب يقتضي من الشركاء المانحين لهذه المنظمات التدخل لإدانة القرار الإسرائيلي، وإذا كان الرئيس بايدن من أنصار حقوق الإنسان والمدافعين عنها، فهذا يقتضي من الخارجية الأمريكية بيان موقفها.
نعم، أنا لست متفائلا بتدخل الخارجية الأمريكية، أو الشركاء الأوربيين، لأن مفهومهم لحقوق الإنسان مفهوم عنصري يختص بالرجل الأبيض والعيون الزرقاء، وهم عندنا في فلسطين وغيرها من البلاد العربية يلوذون بالصمت، بل يتعاملون مع كل رئيس ينتهك حقوق الإنسان ويدعمونه إذا حافظ على مصالحهم، وقدم خدمات لهم.
إن القرار الإسرائيلي لن يمنع هذه المنظمات من العمل، لأنها تعمل في الأراضي الفلسطينية، ولكنه ولا شك سيعرقل عملها، وسيؤثر سلبيا في شراكتها مع الجهات الدولية، وستعتبر تقارير هذه المؤسسات تقارير مؤسسات إرهابية لا تتعامل معها، مع مطالبة دول العالم بعدم التعامل معها ومع ما يصدر عنها من تقارير. ومع ذلك نحن في حاجة للبحث عن الأهداف المنصوبة لهذا القرار.
وفي النهاية يكشف القرار الإسرائيلي هذا عن أن المشكلة الجوهرية تكمن في الاحتلال، وتكشف عن مدى حاجتنا فلسطينيا إلى التحرر منه لأنه يتحكم في حياتنا، بل في كل صغيرة وكبيرة من شؤون حياتنا، حتى في مجال الكلمة والتقرير.