تسابق سلطات الاحتلال الإسرائيلي الزمن، في توسيع البناء الاستيطاني بمختلف مدن الضفة الغربية المحتلة، وآخرها عبر سلسلة من القرارات والعطاءات الرامية لبناء البؤر الاستيطانية التي يتركز معظمها في المناطق المصنفة (ج).
وأقرّ الاحتلال سلسلة قرارات وعطاءات من ضمنها الإعلان عن مجموعة من المشاريع وفق البند "٢١-أ" للتعدين والتحجير في الضفة الغربية في مناطق ج، بهدف السيطرة على الموارد الفلسطينية في تلك المناطق، وفق ما كشف رئيس دائرة الخرائط وخبير الاستيطان خليل التفكجي مؤخرًا.
وتركزت تلك العطاءات على مصادرة أراضي وتخصيصها كمقابر للمستوطنين وتوسيع المحاجر الإسرائيلية في الضفة الغربية على حساب المحاجر الفلسطينية، حسب التفكجي.
ويرى خبيران أن هذه الممارسات المتواصلة تندرج ضمن سياسة الاحتلال في تضييق الخناق على الشعب الفلسطيني، تحت حجج واهية، بهدف منع الوجود الفلسطيني ودفع المواطنين للهجرة قسرًا.
ويوضح مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد الابحاث التطبيقية "أريج" سهيل خليلية، أن سلطات الاحتلال خصصت حوالي 15 ألف دونم لبناء تلك المشاريع الاستيطانية.
وكشف خليلية خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين"، أن ما تسمى دائرة "الأملاك الحكومية" في دولة الاحتلال أعطت الإذن لفريق يُسمى "الخط الأزرق" التابع للإدارة المدنية الإسرائيلية، بالتخطيط لبناء موقعين عسكريين، من أجل تحويلهما لاستعمالات أخرى مثل بناء المحاجر أو مناطق صناعية وغيرها.
وبيّن أن الموقع الأول يقع في بلدة صوريف والجبعة قرب الحدود بين مدينتي بيت لحم والخليل ومساحته تصل إلى 730 دونمًا، والآخر قرب منطقة ترقوميا غرب الخليل ومساحته 400 دونم.
وبحسب خليلية، فإن (إسرائيل) بدأت بتفعيل ما يُسمى "أملاك الدولة" وتتراوح مساحتها ما بين 38-41% من إجمالي مساحة الضفة الغربية البالغة 5661 كيلومترًا مربعًا، ويتركز حوالي 70% منها في مناطق (ج).
وشدد على أن "دولة الاحتلال تسعى لوضع تلك الأراضي الاستيطانية في أطر مختلفة منها تثبيتها لأملاك دولة ثم ستحولها إلى محاجر أو محميات طبيعية وغيرها"، منبهًا إلى أن (إسرائيل) تسعى من خلال هذه الممارسات إلى شرعنة إجراءاتها، بحيث تمكنها من الاحتفاظ في الأراضي لأطول فترة ممكنة.
نهج متواصل
ويتفق مع ذلك مدير هيئة مقاومة الاستيطان شمال الضفة مراد شتيوي، إذ يؤكد أن هذه الممارسات هي نهج متواصل من حكومة الاحتلال منذ فترة طويلة، من أجل تسهيل مهمة السيطرة على الأراضي الفلسطينية خاصة الواقعة في منطقة (ج).
وبيّن شتيوي خلال حديثه مع "فلسطين"، أن الاحتلال يسعى لمصادرة أراضي الفلسطينيين تحت حجج واهية، بأنها تخضع للسيطرة العسكرية وغيرها، بهدف تضييق الخناق على الشعب الفلسطيني.
ونبّه إلى وجود توسع استيطاني ملحوظ خلال السنوات الماضية الأخيرة، وخاصة في مناطق (ج)، إضافة لمناطق التجمعات البدوية المنوي إخلاؤها وتهجير سكانها قسرًا، إذ إن الاحتلال يسابق الزمن في نشر البؤر الاستيطانية.
واعتبر إقدام الاحتلال على توسيع المحاجر الخاصة بالمستوطنين "مؤشرًا خطيرًا"، يسعى من خلالها لتثبيت وجود المستوطنات وشرعنتها، رغم مخالفتها للقانون الدولي.
ووفق شتيوي، فإن استمرار التوسع الاستيطاني سيكون له تداعيات سلبية على الصعيد السياسي خلال الفترات القادمة، إذ سينسف آمال الفلسطينيين بإقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967.
دور تكاملي
على صعيد موازٍ، فإن الضفة المحتلة تشهد اعتداءات وهجمات للمستوطنين على سكان وأراضٍ زراعية ومزارعين في مختلف المدن الفلسطينية، وهو ما أكده خليلية.
وبيّن خليلية، أن اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين، هو "عمل منظم ومتكامل" مع جيش الاحتلال، مشيرًا إلى أن ما يعجز عن تحقيقه الجيش علنًا ينفذه المستوطنون، مثل مهاجمة المزارعين بشكل مباشر وقطع الأشجار وحرقها وسرقة محاصيل.
وأفاد بأن عمليات تقطيع الأشجار في مختلف مدن الضفة وصل منذ بداية العام الجاري إلى 20 ألف شجرة من مختلف الأصناف، منها 8 آلاف شجرة زيتون.
وذكر أن المستوطنين نفذوا أكثر من 640 اعتداءً منذ بداية العام على المواطنين وممتلكاتهم والأراضي الزراعية في مختلف أنحاء الضفة الغربية.