قبل أشهر عدة صدَّق الرئيس بايدن على تقرير المخابرات الأميركية CIA الذي جاء فيه أن ابن سلمان ولي العهد السعودي أصدر الأمر باختطاف وقتل خاشقجي، لذا يرفض الرئيس الأميركي الالتقاء به، أو التحدث معه!
التقرير والتصديق عليه يعنيان أن رأس الدولة يتهم، وربما يدين، ابن سلمان، وهذا الأمر صعب ومعقد في السياسة الخارجية أمام المملكة، لأن المتهم بالمسئولية هو ولي العهد وصاحب القرار فيها، ومن المعلوم أن المملكة في حاجة للولايات المتحدة الأميركية، في كل المستويات، وخاصة الأمنية والعسكرية. المملكة في حاجة لدعم أميركا في مواجهة النفوذ الإيراني، وفي دعم موقفها في اليمن، وقضايا الحاجة أكثر من أن تعدّ في مقال قصير.
المملكة لا تستطيع أن تغامر بمصالحها مع أميركا، وبايدن لا يستطيع أن يتخلى علنا عن أحد أهم أركان سياسته وهو دعم حقوق الإنسان في العالم، على نحو ما فعل سلفه أوباما، ومن ثمة فإن إجراء محادثات مباشرة منه مع ابن سلمان، أو دعوته لزيارة أميركا، يضر بمصداقيته، ويضر بمستقبله السياسي، ويؤثر سلبيا في حزبه الديمقراطي.
ما أود قوله إنه ثمة مشكلة في العلاقات بين الرياض وواشنطن، وهذه المشكلة ثقيلة الوزن، وتحتاج لحلّ ومقاربة سياسية تساعد في ذوبان الجليد. الفرحان وزير الخارجية السعودي يسافر هنا وهناك، ويبحث عن حلّ يناسب المملكة ويخفف الجفاء بين الرجلين. ولكن ما الطريق الذي يسلكه الفرحان لتحقيق الهدف؟!
في أول عهد الرئيس ترامب توترت العلاقة بين الرياض وواشنطن في إثر ما تعرف بالقضايا التي يرفعها المتضررون من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ولكن المملكة استطاعت أن تقنع إدارة ترامب بشطب التوجه للمحاكم الأميركية، في مقابل توظيف السعودية خمسة مليارات دولار في الاقتصاد الأميركي، منحت ترامب فرصة للثناء على المملكة، لأنها ساعدت المجتمع الأميركي في توفير فرص عمل ووظائف، وقد أصاب ترامب وإيفانكا شخصيا من هدايا المملكة ما أفرحهما وأسكتهما..
ولكن ما أسكت ترامب وأفرحه لم يعد ينفع فيما يبدو مع بايدن الديمقراطي حامل لواء حقوق الإنسان، وهذا جعل الخارجية السعودية تبحث في حلول أخرى، فلم تجد أمامها غير التقدم نحو (تل أبيب)، لعل وعسى تجد في هذا الطريق المعونة اللازمة، والبغية المنشودة، فذهبت لتأييد الإمارات في قرار التطبيع، وأعطت الإذن للبحرين لعمل الشيء نفسه، وسمحت للطائرات الإسرائيلية بالطيران في أجواء المملكة، ورفعت الحظر عن زيارات السعوديين (لإسرائيل)، ومع تقدم الأحداث والأيام صار تطبيع العلاقات مع (إسرائيل) مسألة وقت، إذا ما تراجعت إدارة أوباما عن متابعة قضية خاشقجي، واكتفت بما قاله القضاء السعودي.
التطبيع قريب وبقربه بشر (لبيد) وزير خارجية الاحتلال، وغيره من قادة دولة الاحتلال. فهل باتت القضية الفلسطينية هي الطريق، وهي الثمن المدفوع سلفا لحلّ بعض المشكلات العربية القطرية؟!