فلسطين أون لاين

اتهامات للسلطة بالتخلي عن أهلها

تقرير الاستيطان يهدد حياة الفلسطينيين وممتلكاتهم في الأغوار

...
غزة - فاطمة الزهراء العويني

 

تتملك الحسرة قلب المزارع "محمد سليمان"، بسبب منع قوات الاحتلال الإسرائيلي وصوله إلى أرضه في سهل قاعون، شمال الضفة الغربية المحتلة، رغم حصوله على قرار قضائي إسرائيلي، يسمح بدخوله مرتين أسبوعيًّا، لزراعته عبر بوابة حديد.

ويحرم الاحتلال عائلة سليمان من أرضها البالغة مساحتها "45 دونمًا"، منذ عام 1982م، بعد أن وضع المستوطنون يدهم على الأرض إلى أنْ تمكنت العائلة من انتزاع قرار قضائي من محكمة الاحتلال العليا ببطلان إجراء المستوطنين واسترجاع أرضهم في 2016م.

ويقول سليمان لصحيفة "فلسطين": إن أرضي أصبحت خلف جدار الفصل العنصري الذي أقامه الاحتلال في عام 2006م، ولم نتمكن من الوصول لها سوى العام الفائت لزراعتها، لكن لم نتمكن هذا العام من الدخول لحصادها".

ويضيف سليمان: أن القرار القضائي بات "حبرًا على ورق" فالدخول للأرض يحتاج لتنسيق مسبق لا يحصلون عليه سوى مرة كل عدة سنوات، ودون إدخال أي آليات زراعية، وهذا أمر لا يسمح لنا بزراعتها واستصلاحها، فالزراعة تحتاج إلى متابعة حثيثة.

وذكر أن معاناته لا تختلف عن معاناة بقية مزارعي الأغوار، الذين ينقسمون لثلاث فئات، الأولى فقدت أراضيها الزراعية لوقوعها خلف الجدار، والثانية وضع المستوطنون يدهم عليها، في حين تدوس آليات الاحتلال العسكرية أراضي من يتمكون من زراعتها قبيل تمكنهم من حصادها.

ويشير إلى أن المزارعين يحاولون بكل الطرق زراعة أراضيهم فيستغلون يوم السبت (إجازة اليهود) أو يتسللون لها في المساء خاصة في المناطق التي يمنع الاحتلال زراعتها بشكل كامل كمنطقة وادي المالح، لكن الاحتلال لا يتورع عن إتلاف هذه الأشجار.

وشدد سليمان على أن المزارعين يدركون أن إجراءات الاحتلال بحقهم تهدف إلى دفعهم لليأس وهجرة عشرات آلاف الدونمات من الأراضي لبسط سيطرة الاحتلال عليها.

ويدعو سليمان السلطة في رام الله للتوقف عن "التغني بدعم الأغوار" دون تقديم أي شيء على أرض الواقع، مضيفًا: "نحن صامدون ولن نترك أرضنا، ولكننا نحتاج لكل أنواع الدعم من السلطة سواء المادية أو الخدمية".

وبين أن المزارعين بأمس الحاجة إلى مدخلات الإنتاج من حبوب وأسمدة ومعدات زراعية، والماء الذي يسيطر عليه الاحتلال بالكامل، ويفتقرون للخدمات الصحية والتعليمية، متسائلًا: كيف نصمد بدون دعم رسمي فلسطيني على الأقل؟

وأمس، ذكر صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، أن وزارة البناء والإسكان في حكومة الاحتلال، بصدد صياغة خطة لمضاعفة عدد المستوطنين اليهود على امتداد أراضي غور الأردن في الضفة الغربية المحتلة.

وقالت الصحيفة إنه "سيتم تقديم مشروع الخطة إلى حكومة الاحتلال بعد الموافقة على ميزانية الدولة في برلمان الاحتلال (كنيست)"، مضيفًا: "ستخصص الحكومة مبلغ 90 مليون شيكل (28 مليون دولار)، سيتم توزيعها طوال الفترة لتنفيذ المخطط، كما سيتم توجيه الميزانيات لتعزيز البنية التحتية المادية والاجتماعية في المستوطنات.

مخطط جديد قديم

من جانبه، أكد منسق مركز العمل التنموي في الأغوار الوسطى، حمزة زبيدات، أن المخطط الإسرائيلي لمضاعفة أعداد المستوطنين في الأغوار، هو منذ نهاية عهد رئيس وزراء الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو.

وأشار زبيدات في حديث لـ"فلسطين"، إلى أن عودة الحديث عن المخطط مجددًا هو تكريس لما يجري على أرض الواقع من تعزيز للاستيطان بالمنطقة، الذي تصاعد كثيرًا عقب "صفقة القرن" الأمريكية، بعد أن أطلق الاحتلال يد المستوطنين في الأغوار خاصة في الأراضي المصنفة أراضي دولة.

وقال: "لاحظنا ازديادًا مضطردًا في الاستثمار الإسرائيلي في القطاع الزراعي وزراعة المحاصيل وبناء المصانع التي تعتمد على المنتجات الزراعية وتربية الدواجن، مشيرًا إلى أن عددها "وصل إلى عشرة مصانع جديدة خلال السنوات الثلاث الأخيرة".

وأضاف: "أن الاحتلال يشن حملة كبيرة لتهجير الفلسطينيين من الأغوار في سبيل ربط الكتل الاستيطانية الإسرائيلية ببعضها، وإزالة أي تواجد فلسطيني يعيق ذلك، مشددًا على أنه "ما يشجعه على ذلك التآمر الإقليمي والعالمي الذي لا يرى في ضم (إسرائيل) للأغوار مشكلة ما يجعل الاستيطان يجري على قدم وساق".

وبيّن أن القرى الفلسطينية أصبحت مثل "الكانتونات" في الأغوار، فيما يسيطر الاحتلال والمستوطنون على الأرضي والطرق فيها بالكامل، مشيرًا إلى أن بداية السيطرة الإسرائيلية كانت في اتفاق "أوسلو" الذي ترك 94% من الأغوار بيد الاحتلال كمناطق مصنفة "ج".

ولفت إلى أن الاتفاق "لم يبقِ لنا إلا مساحات صغيرة جدا من الأغوار تتمثل في مدينة أريحا والعوجا وقرابة سبع قرى أخرى"، مشيرًا إلى أن السلطة تتعامل مع الأغوار وكأنه ليس لها علاقة بها لا من قريب ولا بعيد.

وذكر أنها لا تقدم للأغوار أي خدمات ولا تحاول تعزيز صمود المواطنين فيها، في حين ينصب الدعم من كل يهود العالم للمستوطنين بالضفة والأغوار، "حتى أن السلطة لا تفكر بدعم الجمعيات الأهلية الشبابية والنسائية التي تحاول دعم صمود أهل الأغوار".

ويضيف: "لم نجد من السلطة إرادة حقيقية على أرض الواقع لدعم الأغوار وتحدي المشروع الاستيطاني فيها أو حتى المحافظة على ما تبقى منها".

وعزا الهجمة الاستيطانية الإسرائيلية بالأغوار إلى كونها "بيتًا بلاستيكيًّا" طبيعيًا لكل أشكال المزروعات، وخزانًا للمياه الجوفية ويوجد فيها نهر الأردن والعديد من الينابيع والمياه السطحية، كما تشكل حدود الضفة الوحيدة مع العالم الخارجي "من خلال الأردن".

وأَضاف:" كما أن مساحتها الشاسعة "ثلث مساحة الضفة" تجعلها امتدادًا جغرافيًا واقتصاديًا مهمًا يمكن استثماره للسكن والزراعة والصناعة لذلك يحاول الاحتلال تعزيز عدد المستوطنين فيها وصولًا إلى ضمها مع الأراضي المحتلة عام 48م".

ووفقًا لدائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، فإن عدد المستوطنين في الأغوار يقدر بنحو 6 آلاف مستوطن، فيما تشير المصادر الفلسطينية إلى أن عدد المستوطنين في الأغوار ارتفع خلال السنوات الأخيرة ليصل إلى 13 ألف مستوطن، يتوزعون على 38 مستوطنة.