نفت الخارجية الأمريكية تهمة تغافلها عن الاستيطان في الضفة، وزعمت أنها تدين الإجراءات الأحادية، وترى في الاستيطان إعاقة لحلّ الدولتين. هذا النفي البارد جاء على لسان ناطق باسم الخارجية الأميركية، وهذا النفي ليس له ترجمة عملية في الميدان البتة، فدولة الاحتلال تواصل عمليات الاستيطان الموسعة وتستهدف فصل جنوب الضفة عن شمالها، ومنع التنازل عن منطقة الأغوار. ورئيس حكومة الاحتلال بينيت هو من أهم الراعين للاستيطان، وقد صرح مؤخرًا أنه سيواصل عملية الاستيطان، ولن يسمح بدولة فلسطينية (إرهابية) بزعمه على بعد سبع دقائق من بيته.
هذه الصورة القلمية لواقع الاستيطان في الضفة، والرعاية السياسية العليا له، وتغافل أمريكا عنه، يمكن تأكيده بتصريحات المنسق الأممي لعملية السلام بالشرق الأوسط (تور وينسلاند) الذي قال أمام مجلس الأمن الأسبوع الفائت:" الأوضاع الأمنية بالضفة الغربية بما في ذلك القدس آخذة في التدهور. وإن عددًا كبيرًا من الفلسطينيين يقتلون أو يصابون بنيران الأمن الإسرائيلي. وأنا قلق إزاء خطط (إسرائيل) بناء وحدات سكنية تفصل شمال الضفة عن جنوبها، وطالب (إسرائيل) بوقف هدم وإخلاء مساكن الفلسطينيين".
إن تصريح المنسق هذا فيه إدانة لدولة الاحتلال، وبيان لمخاطر عمليات الاستيطان، وفيه أيضًا تأكيد للاتهام الموجه للإدارة الأمريكية بتغافلها عن الاستيطان، ولو كانت غير متغافلة عنه لكان بإمكانها وقفه، أو عرقلته، هذه التصريحات التي أدلى بها المنسق أمام مجلس الأمن كانت كافية لاستصدار قرار من مجلس الأمن بوقف الاستيطان، ولكن هذا لم يحدث، ربما لأن الدول الدائمة في مجلس الأمن تتجنب إدانة (إسرائيل) عادة، وربما لأن الدبلوماسية الفلسطينية والعربية دبلوماسية ضعيفة، فشلت في توظيف تصريحات المنسق الرسمية لاستصدار قرار بمنع الاستيطان، وهكذا تصبح التصريحات مجرد تقرير للعلم دون ترجمة عملية له.
الضفة الغربية والقدس، تعانيان من أخطار أمنية كبيرة، حيث يقتل الرجل بالشبهة، وأسهل شيء يفعله سلاح الحدود هو إطلاق النار على الفلسطيني، وتعاني الضفة من التمدد الاستيطاني واسع النطاق، بحيث يمكن أن تتحول به المدن الفلسطينية الكبيرة إلى كانتونات معزولة عزلًا تامًّا بلا تواصل بينها، وهذه النهاية المأساوية هي ترجمة عملية لخطة ألون في الضفة والأغوار.