فلسطين أون لاين

تقرير فيض من المشاعر وكتمان لها.. حال الأسرى لحظة معرفة أسمائهم ضمن الصفقة

...
غزة/ هدى الدلو:

رغم حلول الذكرى العاشرة لصفقة وفاء الأحرار، إلا أنه لا يزال الكثير من الأسرى يوجه إليهم مع اقتراب يوم العرس الوطني أسئلة تدور حول مشاعرهم لحظات معرفة أسمائهم ضمن الصفقة، وكيف كانت لحظات الانتظار التي مرت عليهم كالدهر؟

الأسير المحرر منصور ريان، يقول لصحيفة "فلسطين": "في الذكرى السنوية للصفقة هي بمثابة ولادة جديدة للمحررين فيها، حيث خرجت من السجن الذي كان مقبرة لنحيا من جديد، بت وكأني ولدت من جديد خاصة لحظة سماع اسمي عبر جهاز الراديو من ضمن الأسماء في الصفقة، فسجدت لله شكرًا، وفتحت مصحفي لأقرأ سورة يس".

ويضيف بعد أن صمت للحظات: "كل إجابات الدنيا لا تستطيع الإجابة عن هذا السؤال كون هذا الإحساس والشعور مرتبط بالحياة والأمل والفرح والسعادة، في الأسر مر على اعتقالي 20 عامًا، لكني شعرت وكأنهم 200 عامًا أو حتى 2000 عامًا، وكأني مسجون من أيام سيدنا نوح عليه السلام منذ أيام الطوفان من شدة الوجع والألم والمعاناة المستمرة التي عايشتها على مدار الساعة من تفتيش وقمع وعزل، وغيره".

ريان من سكان قرية قراوة بني حسان قضاء سلفيت، شمال غرب الضفة الغربية المحتلة، اعتقل بتاريخ 2/4/1993 وهو بعمر 17 عامًا، وأصدرت سلطات الاحتلال حكمًا بالسجن المؤبد مدى الحياة بحقه بتهمة قتل إسرائيلي، قضى في الأسر 20 عامًا، وأفرج عنه في الصفقة وتم إبعاده إلى غزة.

وخرج من الغرفة بعد وداعه لزملائه الأسرى الذي ود آملًا أن يكونوا معه، ومع بدء مراسم تجميعهم ونقلهم إلى سجن النقب بدت دقات القلب تعلو أكثر وأكثر فرحًا وخوفًا من أي غدر إسرائيلي يتربص بهم، خاصة أن ملامحهم تبث سمًا من الغضب لفرح الأسرى بحريتهم.

وعندما رأي ريان القادة في استقباله وسمع صوت القائد أحمد الجعبري وهو يتجول بين الباصات ويسأل من حوله: "هل شيكتم على الأسماء؟" تأكد حينها أنه قد تحرر فعلًا، ليستقبله أهالي القطاع بالأناشيد والهتاف، وبعد مرور 30 يومًا على تحرره أدرك أن الحلم بات حقيقة.

ويتابع حديثه: "فأي كلمة أود فيها التعبير عن شعوري لا توفي حق المشاعر التي راودتني في تلك اللحظات، سعيد وفرحان لا توفي حقها، متمنيًا أن تأتي الذكرى القادمة للصفقة وقد بيضت السجون من كل الأسرى".

بينما الأسير المحرر سعيد بشارات، فيرى أن الجميل في الصفقة أنها جاءت فجأة، ولكن بعد الإعلان عنها بات لديه شغف بالمتابعة والانتظار على مدار الساعة، فجافى النوم عينيه، وكل أمنياته أن يكون اسمه من ضمن القائمة، وفي اليوم الثاني من توقيعها علم بوجود اسمه.

يقول: "رغم أن الفرحة لم تتسع قلبي إلا أنني لم أبدي أي مشاعر أمام أصدقائي الذين لا يزالوا قابعين في الأسر، وأظهرت وكأن الأمر عاديًا، ولكن اللحظات التي خرجت فيها من الأسر أفسحت المجال لمشاعري لتعبر عن ذاتها، فعربدت وتكبرت على السجان الذي طلب من أغراضي الشخصية، ورفضت إعطائه إياها، فقال لي: برجعك على السجن، فرددت عليه: إذا زلمة رجعني، أنا بعرف ولا سنتيمتر بتقدر ترجعني للخلف، القرار ليس بيدك".

والأسير المحرر حذيفة غانم والذي أصدر بحقه حكمًا بالمؤبد وعشرين عامًا، لم يكن يحلم يومًا بأنه سيخرج من "قبره"، حيث كان وزملائه في الأسر بشكل شبه يومي يحللوا ويفندوا في أخبار الصفقة وتداعياتها كنوع من الاستئناس قبل فترة من إبرامها، وذلك لمجرد سماع أي خبر عبر أي وسيلة إعلامية، وأثناء مشاهدتهم لمسلسل باب الحارة يتسائلوا: "معقول نحضر الجزء القادم مع ذوينا وأهلنا؟"، وفي إحدى الأيام أحد الأسرى قال له أن الأسرى الذي سجنوا عام 2004 لن تشملهم الصفقة فأصيب بمرض ارتفاع ضغط الدم، فكيف هو حال الأسرى الذين تركوهم خلفه.

ولكن عندما عرف بوجود اسمه ضمن الصفقة، لم يصدق ما سمعته أذناه، ويقول: "ماكنا مصدقين انه سأعيش حياتي بدون قيود خارج السجون مثل الحلم".

وأكثر مشهد أثر فيه عندما كنت على منصة الاحتفال في الكتيبة تفاجأ والديه بجانبه دون أن يعلم بمجيئهم من الضفة لأجله.

ويضيف: "بالنسبة للأحباب الباقين الأحياء داخل القبور فما النصر إلا صبر ساعة وان شاء الله الفرج قريب، فما عليكم سوى الدعاء وعلى الله الإجابة، وبما أن الله سخر المقاومة لتحريرهم سيكون الفرج أقرب ما يتصورون بإذن الله".