فلسطين أون لاين

​خلال فعالية إطلاق التقرير السنوي للحق في الصحة

مسؤولون يحذرون من خطورة الأوضاع الصحية في قطاع غزة

...
غزة - نسمة حمتو

حذر مسؤولون محليون ودوليون في القطاع الصحي، من خطورة الأوضاع الصحية في قطاع غزة في ظل تراجع الخدمات المقدمة لهم ومنع المرضى من السفر عبر حاجز بيت حانون (إيرز).

وطالب هؤلاء خلال فعالية إطلاق التقرير السنوي للحق في الصحة، والذي نظمته منظمة الصحة العالمية في غزة، الثلاثاء 29-11-2016، بضرورة تحرك المجتمع الدولي من أجل تقديم مزيد من الدعم للقطاع الصحي في غزة.

انتهاكات مستمرة

وأعرب د. جيرالد روكنشاوب، ممثل منظمة الصحة العالمية في فلسطين، عن قلقه الحقيقي من الانتهاكات المستمرة، خاصة الحق في الحياة التي يعيشها سكان قطاع غزة بشكل يومي، مؤكداً أن الحق في الصحة يتطلب الوصول للرعاية الصحية بتكلفة متاحة.

ولفت روكنشاوب الانتباه إلى أهمية إزالة قيود الحركة للمرضى الذين يجب أن يصلوا للرعاية الصحية، وتطوير النظام الصحي تحت الاحتلال، محذراً من أن هناك تطورا غير طبيعي في الأمراض المعدية التي لا يتم السيطرة عليها من خلال أنظمة المراقبة في قطاع غزة.

وأشار إلى أن هناك تحديا كبيرا أمام مرضى السرطان في قطاع غزة في ظل نقص العلاجات الطبية اللازمة، قائلاً: "كما أن هناك نقصا في الوقود ونقصا في كثير من أساسات الرعاية الصحية، هذا تحدٍّ كبير أمام وزارة الصحة وكل الشركاء".

وأوضح أن العاملين في المجال الصحي كذلك يتأثرون في القيود على الحركة خاصة الأطباء من خلال التعليم والتعرف على التقنيات الحديثة، مؤكداً أن تأهيل هؤلاء لا يمكن أن يتم دون حصولهم على فرص في التعليم المستحدث.

وأضاف:" كما أن قيود الحركة تجزأ النظام الصحي الفلسطيني فهناك زيادة كبيرة في أعداد المرضى الذين يتم تحويلهم للخارج لتلقي العلاج بسبب نقص الخدمات المقدمة في القطاع كالعلاج الإشعاعي والكيميائي لمرضى السرطان".

تصاريح خاصة

ونوه إلى أن ما يزيد عن 86% من المرضى ينتقلون إلى المرافق الصحية في الأراضي المحتلة عام 48 والقدس، مشيراً إلى أن هذه النسبة تحتاج إلى تصاريح خاصة من (إسرائيل) ولكن يتم رفضها أو تأجيل الرد عليها مما يتسبب في عدم حضور جلسات العلاج الكيماوي والإشعاعي.

وقال روكنشاوب: "كذلك عدم استطاعة بعض الأمهات أن يكنّ مع أطفالهن في رحلة العلاج يؤثر بشكل سلبي على المرضى ويؤدي إلى تطويل الألم وتقدم المرض وزيادة الضغط النفسي.

وأكد أنه لكل أم الحق في أن تكون مع أطفالها خلال مرض السرطان أو أي مرض آخر، لافتاً إلى أن معدل قبول التصاريح لقطاع غزة انخفض بنسبة 78% في عام 2015.

وتابع: "1 من كل 3 مرضى لا يستطيع أن يصل للرعاية الصحية، حيادية المجال الصحي لم يعد متعارفا فيها كقاعدة حرب كما كان في الماضي، هناك اعتداءات على طواقم الاسعاف والمستشفيات".

وأضاف: "نعدكم أننا لن نكون صامتين أمام هذه المعاناة فالمواطن في غزة له نفس الحقوق التي يجب أن يتمتع بها المواطنون في أماكن أخرى".

حالة معقدة

من ناحيته، قال روبرت بيبر منسق الأمم المتحدة لشئون المساعدات الإنسانية والتنمية: إن الحالة المعقدة التي يعيشها القطاع الصحي في غزة كبيرة جداً أهمها وضع الأمراض المزمنة والاوضاع الاجتماعية والفقر والبطالة.

وقال:" فكرة أن يقف حاجز أمام الرعاية الصحية يشعرنا بالقلق الشديد، فإن منع طفل من الوصول للرعاية الصحية يجب أن يحرك قلوب الجميع، هناك أناس حقيقيون معدلات القبول للتصاريح تنخفض لتصل إلى 66% في العام الماضي وهذا الرقم في تراجع، هناك آلاف التقارير التي تم رفضها أكثر من نصف هذه الحالات لم تتلقَ العلاج مطلقاً".

وتابع:" 30 ألف تصريح تم رفضه في عام 2015 وحول الرقم كمية كبيرة من المعاناة والقلق كما أن هناك 1500 تصريح لتجار تم منعهم من السفر، إضافة إلى معاناة المؤسسات الدولية والبعثات الدبلوماسية في الوصول لغزة".

وأكد منسق الأمم المتحدة لشئون المساعدات الإنسانية والتنمية أن هناك تدهورا كبيرا في أوضاع المياه والكهرباء والخدمات الصحية المقدمة، لافتاً إلى أنه كلما زاد التدهور تزايدت عدد الطلبات للعلاج في الخارج.

حق أساسي

وأفاد بأن الزيادة في عدد مرات فتح معبر رفح خفضت من الاشكالية لكنها لم تحل المشكلة بشكل جذري، مؤكداً أن الحق في الصحة هو حق أساسي من حقوق الإنسان والدول ملزمة قانونياً أن تنجز سياسات للوصول للرعاية الصحية في أقصى مدة ممكنة.

وشدد على أن الوصول للعلاج والتحسينات في الرعاية الصحية حق أساسي في الصحة، قائلاً:" في الأسبوع الماضي تم الحديث عن مشكلة التصاريح وفي الجمعية الصحية العالمية أقروا الاجراءات والقوانين بهذا الخصوص".

وطالب السلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي بالتوحد في الجهود من أجل أن يصل مرضى السرطان للعلاج في الوقت المناسب، مضيفاً:" علينا أن نتكاتف لتحميل حملة المسئولية القانونية مسئولياتهم وخاصة حكومة (إسرائيل)".

بدوره، قال ماتيا يوريتي ممثل الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون: إن تقرير منظمة الصحة العالمية عن الوضع في قطاع غزة يعطي صورة مقلقة، داعياً منظمة الصحة العالمية أن تدعم جهود وزارة الصحة التي تحاول أن تقدم الخدمات للمرضى.

وأكد على أن الحق في الصحة هو أحد حقوق الإنسان الأساسية التي يجب أن يمتع فيها كل مواطن في قطاع غزة، معرباً عن قلقه من التوجه السلبي للوضع الصحي في القطاع.

وقال: "رغبتنا في الحق في الصحة يمكن أن تكثف، لذلك على المجتمع الدولي أن يستخدم البيانات التي خرجت من منظمة الصحة العالمية واستخدامها بشكل جدي، ستبقى سويسرا تعمل من أجل الدفاع عن الحق في الصحة ولكن لا يمكن أن نفعل ذلك وحدنا".

تحمل المسئولية

من ناحيته قال وكيل وزارة الصحة، يوسف أبو الريش، إن: "التوافق، الحق في الصحة، الوصول، المقبولية، الجودة، الحماية، الأداء، المياه الصالحة، الغذاء، وسائل الإصحاح، كل هذه المصطلحات نراها في الأدبيات ولا زلنا نتمنى أن نراها على أرض الوقع".

وأكد أن المواطن الفلسطيني يضطر للبحث عن بديل في ظل عدم توفر الامكانيات له وهو السفر ولا يستطيع ذلك، منوهاً إلى أن الجهود المبذولة لتخفيف الوضع في قطاع غزة هي لتقنين الآثار المترتبة وليس لعلاج المشكلة بشكل جذري.

وشدد على أهمية إعادة النظر في الخدمات المقدمة للقطاع الصحي في غزة، لافتاً إلى أنه لا يوجد وقت للحلول التطبيعية التي تنتهي بحياة المرضى وتفرض مزيدا من المعاناة.

وطالب أبو الريش المؤسسات الدولية والإنسانية بالوقوف أمام مسئولياتها تجاه القطاع الصحي بطريقة تجعل المجتمع يضغط على الاحتلال، مشدداً على ضرورة إلزام الاحتلال الإسرائيلي بواجباته تجاه قطاع غزة من خلال السفر عبر حاجز بيت حانون (إيرز).

وأكد أهمية وجود آليات فاعلة من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر تضمن للمرضى الوصول للخدمات، مطالباً بوجود قرارات وطنية تتيح عدالة التوزيع وتحييد القطاع الصحي عن السياسة وفتح معبر رفح بشكل دائم.

مرضى السرطان

بدورها، قالت مديرة برنامج العون والأمل لمرضى السرطان إيمان شنن: إن هناك 130 حالة سرطان شهرياً في قطاع غزة، لافتةً إلى أن أكثر أنواع السرطان المنتشرة في القطاع هو سرطان الثدي.

وأوضحت أنه يوجد في غزة ما يزيد على 748 مريضة بسرطان الثدي منهن 293 تأثرت جراء تأخير الرد على قرار السفر عبر حاجز بيت حانون، لافتةً إلى أن 291 مصابة قوبلت طلباتهن بالإهمال و287 مريضة لم يتم الموافقة على طلبات السفر و125 امرأة تم رفضها أمنياً.

وقالت: "تتواصل الشكاوى من كافة المريضات في غزة عن مشكلات أساسية يواجهنها أهمها منعهن من العلاج بالخارج ونقص الأدوية الخاصة بمرضى السرطان".

وطالبت شنن بالتحرك العاجل من أجل إنقاذ حياة مريضات السرطان في ظل تهميش قضاياهن، متسائلة:" لماذا لا تقوم وزارة الصحة بعمل خطط بديلة لعلاج هؤلاء المرضى قمنا بالتنسيق من أجل سفر بعض المريضات إلى الأردن في مركز الحسين ولكننا فوجئنا برفض هذا الطلب من الجانب الإسرائيلي".

وأضافت:" مريضات السرطان في غزة بانتظار عائلاتهن وأولادهن، من حقهن الحياة لا الموت، أنا وهن لسنا أرقاماً".

تضافر الجهود

بدوره، طالب مسئول ملف العلاج في الخارج بسام البدري، بتضافر جميع الجهود من أجل حل مشاكل المرضى في الوصول إلى مستشفيات الخارج لنيل حقهم في العلاج.

ونوه إلى أن السبب في زيادة أعداد حالات السفر للخارج هو عدم توفر الإمكانيات التنقية داخل مستشفيات قطاع غزة ونقص الفحوصات والأدوية، قائلاً:" هناك زيادة في أعداد المرضى الذين يتم منعهم من المرور عبر حاجز بيت حانون، هؤلاء أغلبهم مرضى السرطان ويحتاجون لعلاج كيماوي وإشعاعي وفحوصات طبية غير موجودة في مستشفيات القطاع".

وأكد البدري ضرورة تغيير الآلية المتبعة مع هؤلاء المرضى في السفر كي لا يتسبب التأخر في علاجهم بحدوث إعاقات لديهم.

من ناحيته، قال مسئول دائرة التنسيق والارتباط بغزة، رفعت محيسن، إنه منذ بداية العام لوحظ أن هناك اختلافا وتغييرا في أعداد المرضى المسافرين من حاجز بيت حانون (إيرز)، مؤكداً أن منع سفر المرضى هو سياسة إسرائيلية ممنهجة تجاه مرضى قطاع غزة.

وتوقع محيسن أن يقل عدد المرضى المغادرين من حاجز (إيرز) في الفترات القادمة بشكل كبير، مؤكداً أن هناك الكثير من المرضى يحتاجون إلى علاج كيماوي غير متوفر في مستشفيات وزارة الصحة.