فلسطين أون لاين

الشاب حميدة.. يدندن بـ "اليرغول" بحثًا عن رزقه

...
غزة/ مريم الشوبكي:

على شاطئ غزة يمضي وقته يعزف للشاطئ، يطرب مرتادي الساحل الأزرق، بيرغول تلعب أصابعه بانسيابية على ثقوبه، في حين ينفخ في البوصة التي أحكم فمه عليها، ملحنًا العديد من الأغنيات الشعبية والتراثية الفلسطينية.

يفعل محمد حميدة ذلك وهو يسير على طول الشاطئ حاملًا حقيبة زرقاء تمتلئ بآلات مماثلة، محاولاً بعزف الأغنيات التي دأب على سماعها في الفعاليات الوطنية والثقافية استقطاب المصطافين لشراء الآلات التي يصنعها بيده.

ويهيم حميدة العزف على اليرغول والشبابة منذ صغره، وحوّل تلك الهواية إلى مصدر لإعالة أسرته المكونة من ثمانية أفراد بعدما تعلم كيفية صناعة تلك الآلة مما يتوفر من بوص على طريق سكنه.

في الرابعة عشرة من عمره، اعتاد حميدة المشي في أثناء ذهابه وإيابه من مدرسته في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة بالقرب من حاجز بيت حانون "إيرز"، ومشاهدة شجر البوص على جنبات الطريق، فأخذ إحداها ذات مرة وشذبها ثم صنع بها فتحات، "أعجبني صوت العزف، وأصبحت أدرب نفسي يوميا على عزف ألحان العديد من الأغنيات التراثية الفلسطينية".

ويجمع حميدة عيدان البوص يوميا، ويفترش الأرض ممسكا بسكين حاد وإلى جانبه لاصق، وسيخ رفيع لتجويف البوص، أدوات بسيطة يستخدمها في تحويل الأغصان الصماء إلى قطع موسيقية.

يقصد حميدة (20 عاما) شاطئ البحر يوميًا، يحمل حقيبته الزرقاء لبيع ما صنعه، ويجد إقبالا لافتا من الأطفال والشباب وكبار السن أيضًا، منهم من يكتفي بالشراء، ومنهم من يطلب إليه تعليمه العزف مقابل خمسة شواقل فقط.

ويقول إنه تعلم اليرغول والشبابة بالممارسة اليومية دون مساعدة أو توجيه من أحد، "وأنا الوحيد في عائلتي الذي أقوم بهذا العمل، وبالممارسة والتجربة تعلمت كيفية عزف أنغام تشبه إلى حد ما الأنغام الوطنية".

ومع انتهاء موسم الصيف، يعود حميدة إلى الأسواق لبيع آلاته الموسيقية ولا سيما في ميدان فلسطين، والشجاعية والمتنزهات أيضا، أي في الأماكن التي يتجمع فيها الناس، وتمكنه من الترويج لآلاته.

يضيف: "لم أكتفِ ببيع الشبابة واليرغول، أنشأت صفحة على الإنستغرام وأصبحت أعلم العزف للفتيان والفتيات وأمارس هوايتي في العزف معهم".

انعدام فرص العمل وتدهور الأوضاع الاقتصادية الصعبة، كانا دافع محمد نحو تحويل هوايته إلى حرفة تدر مالا يعينه على رعاية أسرته، وفي الوقت نفسه يقر بأن هذا العمل غير مجدٍ، ويأمل أن يهتدي إلى مشروع يجني من خلاله مالًا أوفر يعينه على تأمين مستقبله.

ويشكو محمد كغيره من آلاف الشبان في قطاع غزة، البطالةَ وانعدام فرص العمل في أسواق غزة، محملًا القائمين على شؤون القطاع مسؤولية ما آلات إليه أوضاع الشباب.

ويعد اليرغول من أكثر الآلات الموسيقية انتشاراً في المجتمع الفلسطيني. وله ألحان موسيقية تتناسب مع الغناء الشعبي، ويتطلب استخدامه من العازف قدرة على مواصلة النفخ مدة طويلة دون انقطاع.

هي آلةٌ موسيقية نفخيّة عبارة عن أنبوبةٍ مُجَوَّفة من البُوص أو المعدن، وطولها نحو نصف متر أو أقلّ بقليل، ولها ستة ثقوب تبعد عن بعضها بمقدار ما يبعد الإصبع عن الآخر أو أكثر بقليل، ويُنفخ في طرف فتحتها العليا، فتُخرِج صوتاً يُعَدّلهُ العازفُ بتحريك أصابع يديه ليخرج له اللحن الذي يريده.