تجاربه بإنشاء مزرعة لـ"فاكهة التنين" بدأت قبل سبع سنوات، وقتها جلب شتلات موجودة في المشاتل والمنازل بغزة، وخاض تجارب عديدة قبل البدء في إنشاء المزرعة، انتقى "أفضل الثمار والشتلات" التي تجاوزت اختباراته حاصدةً "العلامة الكاملة".
على أرضه البالغة مساحتها دونمين، ترى حبات الفاكهة ذات الرأس الوردي تزين الصبارات الخضراء بعدما نضجت، لينجح المزارع الغزي عائد أبو رمضان (59 عامًا) من بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، في زراعة وإنتاج فاكهة تنمو في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية يطلق عليها اسم فاكهة "التنين".
نضج الثمار هو آخر مراحل العملية الزراعية التي يتخللها الكثير من الصعوبات، يعدد لصحيفة "فلسطين": "انتقيت أفضل الشتلات، ثم أجريت اختبارات عليها، وبدأت بعملية إكثار، وبدأت بزراعتها بمساحة أكبر، لكن خصصت فقط دونمين من أرض العائلة البالغة مساحتها 150 دونمًا، وذلك لقياس مدى إقبال المواطنين عليها في الأسواق المحلية".
شكلها بحجم قبضة اليد، ولونها المتحالف بين الوردي والبنفسج، قشرتها السميكة تشبه وردة جورية نائمة، جذب المواطنين لتناولها وتذوقها ما دفعه للتفكير بتخصيص ثلاثة دونمات أخرى لتوسيع الإنتاج.
طريقة الإنتاج
هذا الفضول الذي راود المواطنين لشرائها، هو ذاته الذي حفزه في أول مرةٍ شاهد الفاكهة فيه لزراعتها قائلًا: "رأيتها في أسواق المدن الخارجية المجاورة، ولم تكُن معروفة في غزة، منشؤها دولة المكسيك، أعجبني طعمها اللذيذ وقيمتها الغذائية العالية وفوائدها الصحية، فهي تقي من أمراض عديدة أهمها السرطان وتمنع الأكسدة، وذات فائدة اقتصادية عالية لو جرى تصديرها خارج غزة".
تزرع فاكهة "التنين" إما من خلال البذور أو الفسيلة، ويوضح أبو رمضان أن زراعة البذور تأخذ وقتًا طويلًا أي لنحو ثلاث سنوات حتى تحمل الشجرة الثمار، أما القطعة التي تزرع فتنمو بسرعة وتنتج بعد سنة من زراعتها، لكنها لا تصل للإنتاج الاقتصادي إلا بعد ثلاث سنوات أيضًا.
في المساء تتفتح زهرة "التنين" لسويعات قليلة، لتقوم بعملية التلقيح فلا يوجد أي من الحشرات مثل النحل، وهذا ما يجعل عملية تلقيحها صعبًا، لذا يقوم بالتدخل هنا، "نضطر لأن نقوم بعملية التلقيح يدويًّا، بأخذ حبوب اللقاح من الأعضاء المذكرة في الزهرة ووضعها يدويًّا في الميسم، وتستغرق عملية التلقيح وقتًا طويلًا، فهي تحتاج لخبرة إضافة أنها يجب أن تتم في ساعات المساء خاصة وقت العشاء وحتى الفجر، بعد ذلك تذبل الزهرة إذا لم يتم تلقيحها".
موروث يجري بدمه
والخمسيني أبو رمضان، يعمل مهندسًا مدنيًّا، ويهوى العمل الزراعي فهو موروث يجري بدمه كمهنة "الآباء والأجداد" ولا يمكنه التفريط به أو الابتعاد عنه.
ويقول إنه أراد من زراعة فاكهة "التنين" إثبات أن المزارع الغزي يستطيع التكيف والتأقلم وزراعة جميع الأشياء، "أدخلتها كي يستفيد المزارعون من تجربة زراعتها" يقول.
لم تبعد الهندسة المدنية أبو رمضان عن هذا الموروث، فهي تمثل المهنة الأولى للفلسطينيين ولكل شعوب المنطقة، وعن هذا الحب للفلاحة يضيف: "الزراعة تكافئك بصورة فورية فإذا أعطيتها من وقتك تعطيك أكثر (...) الأرض تعطيك طاقة إيجابية تبعدك عن هموم الحياة، تنتعش روحك بالهواء النقي والمساحات الخضراء التي تبعث في النفس شعورًا مميزًا".
إضافة لزراعة "التنين" يزرع أبو رمضان في أرضه العديد من أشجار الفاكهة كالمشمش، والخوخ، والتفاح، والجوافة، والصبر، والفلورا، وبعض النباتات العطرية كالزعتر والمرمية.
وفي جميع زراعاته يحاول استخدام التكنولوجيا الحديثة، سواء في الري أو التسميد، وكذلك الحلول العضوية لمكافحة الآفات وفي تغذية الأشجار، من خلال المكافحة الحيوية للحشرات.
وحسب تجربته، يدرك أن زراعة "التنين" سهلة وتحتاج لمعرفة بعض الأمور والتقنيات الأساسية، مشيرًا إلى أنها فاكهة تنتمي إلى فئة الصباريات وتتحمل جميع الظروف البيئية وتجود في التربة الرملية، وتحب التغذية العضوية والسماد العضوي، كما لا تحتاج للكثير من المبيدات فهي شجرة مقاومة للأمراض.
لكن صعوبات عديدة واجهت أبو رمضان، أولها تعرض مشاتله لقصف الاحتلال الإسرائيلي، ما أدى لتلف الكثير منها، ورفض مشاتل إسرائيلية بيعه أشتالًا صغيرة من الفاكهة، وعدم قدرته على تصديرها.
ويقول: إن نجاح زراعة التنين يمثل انتصارًا على كل ما سبق، ويؤكد قدرة المزارع الفلسطيني على تحدي الصعاب بالرغم من كل العوائق التي يضعها الاحتلال أمامنا ومنعنا من التطور والاحتكاك بالمزارعين الآخرين في العالم.