في دولة الاحتلال أصوات مسؤولة تهدد بوقف التسهيلات الاقتصادية التي منحت لغزة في الأسبوعين الماضيين. التهديد جاء من خلال ربط أحداث خلية جنين والقدس التي وقعت فجر الأحد الماضي، بغزة. الأحداث أسفرت عن خمسة شهداء فلسطينيين، وإصابة ضابط وجندي صهيوني. الأصوات الصهيونية التي ترسل التهديد لغزة تربط بين ما وقع في جنين والقدس بتوجيهات غزة، وكأن غزة ترتكب محرما دوليا، ومخالفة جسيمة تستوجب العقاب.
لا توجد معلومات دقيقة عن مسؤولية غزة فيما حدث، أو فيما يحدث من محاولات تجديد النشاط الساخن ضد الاحتلال في الضفة، ذلك أن شباب الضفة الثائر مسكون بالوطنية التي تسكن غزة، ومجبول على طلب الحرية، وتقرير المصير، وإذا فترت عزائمه في ظل مفاوضات وسلطة وتنسيق أمني، فقد بات غير قادر على مزيد من الصمت وانتظار المفاوضات، لذا فهو يتحرك لأنه يعرف الطريق، ولا ينتظر من غزة غير الدعاء.
ثم هب أن غزة قد وجهت الشباب للمقاومة، فما العيب في ذلك؟ بل إن من حق غزة أن توجه الشباب لتجديد أنشطة المقاومة، لأن الوطن الفلسطيني واحد، والاحتلال قائم في الضفة وغزة، وغزة تتصرف وفق مقتضيات القانون الدولي، والاحتلال نفسه هو مخالفة جسيمة للقانون الدولي، وعليه فإن تهديد غزة بوقف ما يسمى التسهيلات الاقتصادية الأخير لا يعني لغزة شيئا، بل يكشف عن وجه الاحتلال الذي يستخدم معاناة السكان المدنية لتحقيق أهداف سياسية وأمنية.
قبل أيام أطلق لبيد وزير خارجية دولة الاحتلال ما يسمى (الاقتصاد مقابل هدوء طويل المدى مع غزة،) وقد تنوعت آراء الباحثين في مقاربتها لهذا الذي طرحه لبيد، واليوم تكشف الأصوات الصهيونية التي تهدد غزة بوقف التسهيلات، أن ما قاله لبيد لا يزيد على فخ لغزة وشرك للمقاومة، وأنه يستهدف فيما طرحه المجتمع الخارجي وبالذات الإدارة الأمريكية، على قاعدة استعداد لبيد الشخصي والحزبي للتماهي مع ما يطرح بايدن وتطرحه الإدارة الأمريكية، وبحيث يكوّن لبيد لنفسه صورة القائد البديل عن نتنياهو، الذي يحسن التفاهم مع البيت الأبيض.
دولة الاحتلال لم تقدم تسهيلات جادة حتى تهدد بوقفها وحتى تبكيها غزة، ورجال الأعمال والتجار في غزة يعرفون الحقيقة، وأن ما يسمى تسهيلات لا تتجاوز الإعلام إلا يسيرا. رجال الأعمال والتجار وأصحاب المصانع والمزارعون، لم يلمسوا شيئا مما يسمى التسهيلات الأخيرة، والحديث في هذا المجال يطول.