فلسطين أون لاين

السلطة تشكو أزمةً ماليةً

هل تعيينات عباس الجديدة "هدر" للمال العام؟

...
صورة أرشيفية
غزة/ رامي رمانة:

لم يمضِ وقت طويل على تبليغ السلطة الفلسطينية ممثلي الدول والجهات المانحة بأن الوضع المالي لديها مرشح لمزيد من التعقيد، حتى أقرَّ رئيسها محمود عباس إنشاء هيئة غير وزارية جديدة وتعيينات إضافية، وهو ما عده مراقبون اقتصاديون تناقضاً في المواقف، وهدراً للمال العام، خاصة إذا كانت تلك التعينات لا تلتزم معايير الشفافية وتكافؤ الفرص.

وأكد المراقبون الاقتصاديون أهمية جدولة السلطة الديونَ المحلية والخارجية، لتسديدها بعد تخطيها مستوى (4.6) مليارات دولار، ذلك أن تفاقم الديون يحرم الفلسطينيين النفقاتِ التنموية.

وفي جريدة "الوقائع" الرسمية، في عددها لشهر أيلول/ سبتمبر الحالي، أصدر الرئيس عباس 8 ترقيات لمسؤولين في عدة وزارات، بينها قراران بترقية إلى مدير بدرجة.

وأقرّ عباس كذلك تشكيل مجلس التعليم العالي، برئاسة وزير التعليم العالي والبحث العلمي، إضافة إلى المركز الوطني للمناهج، ومجلس المركز الوطني للمناهج.

وقد سبق تلك الخطوة تصريح لوزير المالية شكري بشارة خلال لقاء مع ممثلي دول وجهات مانحة بأن الوضع المالي للسلطة آخذ في التعقيد إذا لم تفرج سلطات الاحتلال عن أموال المقاصة.

ويرى الاختصاصي الاقتصادي د. معين رجب، أن التعيينات الجديدة، تأتي في وقت أن السلطة تتحدث عن أزمة مالية، وأنه يفهم من ذلك وجود تخبط في إدارة المال العام وتتناقض في المواقف.

وأضاف رجب لصحيفة "فلسطين" أن السياسة المالية الحكيمة تتطلب تقليص النفقات غير الضرورية بكل السبل الممكنة بما لا يضر باحتياجات المجتمع، حيث إن هناك نفقات في مؤسسات السلطة توصف بأنها ترفيهية غير مبررة للإنفاق عليها.

وشدد رجب على أن فشل السلطة في إدارة المال العام والموارد الاقتصادية تسبب في زيادة الدين العام الفلسطيني المحلي والخارجي، وهو ينعكس بالسلب على الاقتصاد الوطني وأركان التنمية.

ووفق أرقام الدين العام الصادرة عن وزارة المالية برام الله، بلغ الدين العام (4.6) مليارات دولار، بما لا يشمل المتأخرات المتراكمة على الحكومة.

ويُعيب الاختصاصي رجب تراخي السلطة في مطالبتها للاحتلال بالإفراج عن الأموال المحتجزة، التي تُسبب في حدوث أزمة مالية خانقة.

كما يأخذ الاختصاصي على السلطة عدم الاستمرار في الطلب من المجتمع الدولي لحمل الاحتلال على إجراء تعديلات على اتفاق باريس الاقتصادي الذي كبد الاقتصاد الفلسطيني خسائر عالية، وجعله رهينة للاقتصاد الإسرائيلي.

في حين يرى الاختصاصي الاقتصادي د. نصر عبد الكريم أن التعيينات في مؤسسات السلطة تحدث وفقاً للولاءات الشخصية والمحاباة، ولا تلتزم معايير تكافئ الفرص.

واستند عبد الكريم في ذلك إلى ما أظهره التقرير السنوي الثالث عشر للائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة-أمان الذي أشار صراحة إلى أن التعيينات في الدرجات العليا لا تتم وفق معايير الشفافية والنزاهة والكفاءة، في المؤسسات والوزارات الحكومية والسلك الدبلوماسي.

وجاء في تقرير (أمان) أن من بين أسباب تراجع نزاهة الحكم لدى السلطة عدم الإفصاح عن موارد وممتلكات السياسيين المعرضين للفساد، وضعف السياسات المتعلقة بتخصيص وإدارة موارد الدولة، بما في ذلك عدم إصدار قانون المنافسة ومنع الاحتكارات.

ولفت التقرير أيضاً إلى أن السلطة لم تطبق استراتيجية إدارة المال العام وفق المخطط، ولم تنشر تفاصيل موازنة الطوارئ التي أُعلنت ونُشر قانونها في الجريدة الرسمية، وهو ما حال دون إمكانية إجراء تحليل المرتكزات الاقتصادية والمالية التي اعتُمِد عليها في تحديد سقوف الإنفاق وأولوياته.

وأكد الاختصاصي عبد الكريم أن التوظيف الذي يتم وفق منهجية تخلو من الموضوعية واحترام تكافؤ الفرص، يفقد ثقة الناس بالحكومة ويسبب صدامًا مع السلطة، كما أن ولاء الموظف يتحول لمن كان سبباً في تعيينه بدلاً من المؤسسة التي يعمل بها.

وأشار عبد الكريم إلى أن الفساد المالي يتسبب في هجرة الطاقات الشابة والأدمغة إلى الخارج بحثاً عن ملاذ آمن.