فلسطين أون لاين

"جلسات التصوير".. فتيات جعلن للحظات الفرح رونقًا خاصًا

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:

كثيرة هي لحظات الفرح والسعادة والمناسبات الجميلة في حياتنا، الكثيرون يحتاجون إلى صورة توثق الحدث، ليسترجعوها يومًا ما، هنا ينشط حقل "تصوير الجلسات"، غالبية من يعمل فيه فتياتٌ يضعن أفكارهن ولمساتهن، جعلن للحب رونقًا وانعكاسًا لإبداعهن، وأثبتن أن اختيار زاوية التصوير ووضعية الجلوس، وجمال المكان، يكشف موهبة صاحبة "عدسة الكاميرا"، من هنا وفّر هذا العمل دخلًا وشهرةً لفتيات أحببن "الكاميرا" ووثقن لحظات ساحرة.

تحت ضوء القمر، ستار الليل الحالك يفترش المكان، يمسكُ يد خطيبته فوق طاولة تحفهما نفحات هواء البحر، يلتف حولهما قلب ناري مشتعل، هذه السيدة التي ترتدي ثوبًا تراثيًا تجثو على قدميها لتقبل يد طفلها وكأنها تمسكُ العالم بين يديها، وهو يجلس في النهار قرب مياه البحر المتلاطم في الأسفل تلتف حوله صخور وورد صناعي، ومن الأعلى تتدلى فوانيسُ ذهبية لتربط عمود البالونات بالأزهار.

تلك كانت مشاهد لصور التقطتها مصورة الجلسات دينا كلاب المعروفة باسم دينا أيمن (29 ربيعًا)، التي بدأت العمل في حقل التصوير منذ تخرجها قبل تسع سنوات بعدما درست تخصص الوسائط المتعددة، وحصلت على تقدير امتياز، وافتتحت استديو "ميرال".

إسعاد الناس

بالنسبة لدينا، الجلسات أبعد من كونها مجموعة صور، "أعتبر عملي إنسانيًا أكثر، حينما أكون جزءًا –ولو من خلف الكواليس– في سعادة الناس".

تقول: "عندما يرون صورهم تتحدث فيها المشاعر، وعندما أجلس لترتيب الصور وتصميمها أشعر أنني أشاهد قصة، لا سيما ولو كان أبطال الصور زبائن منذ سنوات، أتذكر كيف صورت لحظاتهم الحلوة في يوم العرس، ثم استمررت برفقتهم حتى أنجب بعضهم طفله الثالث".

لا تخفي دينا أن مجال الجلسات فتح لها بابًا جيدًا للدخل والرزق، ناهيك بأنه ساهم في تطوير قدراتها الأدائية حين بدأت بإعطاء الدورات للمهتمين، فهي من الفتيات القليلات اللاتي يجدن استعمال جهاز "رنون" (جهاز منع اهتزاز الكاميرا).

ورغم قلة الأماكن العامة والمتنزهات في قطاع غزة، فإن دينا وغيرها من الفتيات العاملات في هذا المجال، يستفدن من بعض الشاليهات التي أنشئت لاستقبال "جلسات التصوير". مضت تقول: "بحر غزة يوفر مساحةً للألوان الجمالية خاصة وقت الغروب حينما تتوشح السماء باللون الوردي، ما يسمح بالإبداع، وتوسيع مشاهد وزوايا التصوير".

وتذكر الشابة أن عمل الفتيات في مجال التصوير صار متسعًا على عكس الحال في السابق، "حيث كان صعبًا على الفتيات إيجاد فرص عمل في استديوهات التصوير، وهذا ما اختلف حاليًا، حين أصبحنا نمنتج ونصمم ونطبع الصور".

ولا يخلو هذا العمل من الطرائف، فذاكرة دينا تعج بالكثير منها، تقول: "تخرجت فتاة من الماجستير، وأعدت عائلتها مقلبًا لها بالاتفاق معي، أوهمتها أن الحفلة لصديقتها، ومن ثم طلبت مني التقاط صورة جميلة لها، وأنها سعيدة بمشاركة صديقتها الاحتفال، وعندما جاءت لمكان الحفل، كانت المفاجأة باحتفال كبير لها، فدخلت بصدمة ممزوجة بالضحك".

بين الفينة والأخرى تطلق دينا عروضًا لتصوير جلسات بأسعار زهيدة، مثلًا: 20 صورة إلكترونية وكرت واحد بعشرين شيقلًا فقط، والسبب "أن كُثر نفسهم يتصوروا بمكان خارجي، فبحاول أعمل جلسات بمتناول الجميع، خاصة وقت إعلان نتائج توجيهي".

التنمر إلى عالم الشهرة

منى حسن التي وصل عدد متابعيها في "انستغرام" حاليًا إلى 52 ألفًا في أقل من عام، بعد أن اقتحمت مجال "تصوير الجلسات" وبدأ سيط اسمها يلمع في هذا الحقل رغم أنها كانت تمتلك هاتفًا نقالًا فقط.

آنذاك؛ لم ينظر بعض المتابعين إلى جمال الصورة بقدر ما كان تركيزهم على أداة التوثيق "الجوال"، كان هذا يزعجها، وفي المقابل كان هناك كلام تشجيعي يخبرها "أن تصويرك جميل، وأن جمال العين هو المهمة هنا".

بخوف ورهبة بدأت منى التصوير، بالتجربة على الصديقات ومشاركة ذلك على صفحتها في مواقع التواصل.

ترحل إلى البدايات: "منذ اللحظة الأولى التي أعلنتُ فيها أني جلبت كاميرا، بدأت الحجوزات تتوافد، ولاحقًا أثرت كثيرًا على حياتي (...) من الجميل أن يعاملك أحدهم بتقدير واحترام للمهنة".

لا يخلو مجال "تصوير الجلسات"، والكلام لمنى، من المنافسة، "فالعديد من الفتيات أصبحن يقتحمن الحقل، لكن المهم هو الاستمرار بنفس الجودة والشغف، وإثبات السمعة كأهم معيار للنجاح، بالإضافة إلى عدم المادية والرضا بالمعقول"، وهذا ما جعل العديد من العائلات التي حجزت لديها تعيد تكرار الحجز، بل إن بعضهم أطلقوا عليها اسم "مصورة العائلة".

تحتفظ ذاكرتها بموقف طريف من البدايات إذ تكمل: "بأول جلسة تصوير، صورت عروسين، لكن مع الرهبة غيرت إعداد التصوير على نمطAuto (ﺍﻟﻧﻣﻁ التلقائي)"، أفلتت منها ضحكة عفوية وهي ترسم بقية الحدث: "يومها خشيت أن تكون النتائج كارثية، وذهبت أبكي لصديقتي المصورة، وعندما شاهدت الصور فوجئت لجمال الصور، وهذا ما أعطاني دافعًا للاستمرار".

لكن أجمل مشهد صورته، كان لخريجة توفي والدها منذ طفولتها، في يوم تخرجها رسمت صديقاتها صورة لها من وحي الخيال، وصوروها كأنها تحتضن والدها، "أحدثت الصورة نقلة نوعية في عملي".

على رأسها تتلألأ خرزات التاج الفضي، وتلمع كشعاع الشمس، تمسكهُ عروس براحة يديها، وفي الإطار يلمع ثوبها الأبيض، صورة حصدت بها منى مليون معجب على موقع "فيسبوك"، لتؤكد أن للتصوير ذوق وإحساس ورؤية ولمسة جمالية خاصة.