بعد سنين طويلة من الفشل الذريع في إدارة القضية الفلسطينية، عبر مسار التسوية التي اتخذته السلطة في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، لا يزال رئيسها محمود عباس يراهن على مشروع التسوية والمفاوضات مع المحتل، و"فتات" المنظومة الدولية.
وظهر عباس في "خطابه المسجل" أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ76، أمس، مرتبكًا وضعيفًا، خاصة أنه لم يجئ على أي إنجاز له سواء من الاحتلال أو المجتمع الدولي، منذ توليه منصبه في يناير/ كانون الثاني 2005، بل زاد تغول الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وتهويد المسجد الأقصى والمقدسات والأحياء في القدس، مقابل مضاعفة التنسيق الأمني.
وتجاهل عباس الذي يعاني تدهور وضعه الصحي، خلال خطابه، أبناء الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948، والحديث عن الوحدة الوطنية، في حين واصل تبريره لتعطيل العملية الديمقراطية وحق الفلسطينيين في اختيار شخصيات تمثلهم أمام العالم.
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، رأى خطاب عباس في الأمم المتحدة مكررا ولا يحمل أي جديد، وأنه نسخة من خطابه السابق الذي ألقاه في الأمم المتحدة.
وعدّ الصواف في حديثه لصحيفة "فلسطين" خطاب عباس استجداءً للاحتلال والمجتمع الدولي، بالرغبة للعودة إلى المفاوضات والتسوية، مشيرا إلى أن الخطاب قائم على اتفاق "أوسلو" والاعتراف بدولة الاحتلال.
وأوضح أن عباس لم يغادر مربع "أوسلو"، ويعمل على جر الكل الفلسطيني للاعتراف بدولة الاحتلال، لافتا إلى أن ملف حكومة الوحدة التي يسعى إليها هي حكومة قائمة على شروط المجتمع الدولي و"الرباعية" وهي شروط مرفوضة من شعبنا.
ونبه إلى أن عباس عاد للحديث عن ممارسة الدول دورا للضغط على الاحتلال لإجراء الانتخابات في القدس المحتلة، وهو "لا يريد أن يفهم أن إجراء الانتخابات في القدس معركة الفلسطينيين"، معتبرا حديثه عن الانتخابات مجرد خطاب لـ"رفع العتب"، وكأنه يقول لأوروبا إنه يريد انتخابات لكن الاحتلال يرفض إجراءها في القدس.
ورأى الكاتب والمحلل السياسي عبد الله العقاد، أن عباس لم يقدم جديدا في خطابه أمام الأمم المتحدة، بل استمر في الارتهان للمصير ذاته الذي ينتهجه من سنوات، رغم انعدام كل البدائل له.
وقال العقاد في حديثه لـ"فلسطين": إن عباس يقر بفشل خيار التسوية مع الاحتلال والارتهان للمجتمع الدولي، ورغم ذلك يواصل التمسك بخيار المفاوضات ويرفض المقاومة بكل أشكالها.
ونبه إلى أن عباس تعمد في خطابه الحديث عما يسمى نبذ الإرهاب، وهو يقصد المقاومة الفلسطينية، معتبرا ذلك أمرا مسيئا للشعب الفلسطيني، خاصة أن الأعراف والقوانين الدولية كفلت له مقاومة الاحتلال ما دام قائمًا وموجودًا على أرضه، فمقاومته واجبة.
وأضاف أن عباس أصبح منشغلا بفرض عقوبات على قطاع غزة، وطرح مسارٍ لا يؤمن بالمقاومة بكل أشكالها حتى السلمية والشعبية، بل صارت أجهزة أمن السلطة تقمعها.
ونبه إلى أن خطاب عباس يحمل معاني متناقضة للحالة الفلسطينية، إضافة إلى أنه عمل على تبرير تعطيل الانتخابات التشريعية بذريعة القدس، رغم مطالبة الكل الفلسطيني بالاشتباك مع الاحتلال بشأن المدينة المحتلة، وانتزاع الحق الديمقراطي منه انتزاعا.
وأكد أن رصيد عباس في الشارع الفلسطيني تراجع كثيرًا، وهو ما أثبتته نتائج استطلاعات الرأي أخيرا.