فلسطين أون لاين

​الجيران والخصوصية

بين الجيران الخصوصية مُغتصبة.. ضوضاء مستمرة.. وتلوث سمعي بلا حدود.. لا أحد يحترم أو يقدر أن عند جاره مريضًا يعاني أو طالب علم يدرس، فضلا عن جار يحتاج للراحة بعد عناء يوم طويل في العمل.. طرقات على الجدران، ومقذوفات على سطح بيتك، حصى ولعب أطفال وأدوات مطبخ وملابس بالية .. أصوات أطفال يتصايحون ويصطرخون وكبار يقتتلون لأتفه الأسباب وتتعالى صرخاتهم، هذا يستغيث وذاك يهدد وثالث يسب ويشتم بألفاظ بذيئة فاحشة تخدش الحياء، يستحي الرجل من ذكرها أمام زوجته.. والعجيب أنهم يفتتحون لك يومك بصوت المذياع بقرآن بصوت الشيخ عبد الباسط مرتفعا إلى حد الإزعاج والإيذاء. هو الدين بالعافية؟

القرآن صباحا فقط لربع الساعة -طلبا للبركة طبعا- وبعدها يفسح المجال للأغاني الصاخبة الممجوجة التي لا تحمل لحنا مقنعا ولا كلمات مقبولة، ولا أدري هل خضع المغني لامتحان تقييم لحنجرته و أدائه من قبل أم لا؟ ولا أدري كيف فسد ذوق الناس كي تقبل أسماعهم مثل هذا الهراء.. كلمات عشق مزيف وآهات كاذبة وزفرات ولهٍ وغنج و"مياصة" لا تجدها إلا عند صواحب الرايات الحمر . كل ما تسمعه من أغان لا تقيم خلقا ولا تحيي موروثا حضاريا له قيمة فضل أو مِسحة من خير.

ولا تستطيع أن تفل أذنيك أو حتى آذان الأطفال غير المميزين فيتأثروا بذلك - شئت أم أبيت.

ضوضاء وإزعاج يقتحمان عليك خصوصيتك قهرا و غصبا، ضوضاء لا يجدي معها إقفال النوافذ والأبواب .. فضلا عن أنك لا تستطيع إقفالها في فصل الصيف، حيث الحرارة المؤذية و الرطوبة العالية.

متى يرتقي فهم الناس وإدراكهم إلى مثل هذه الأمور؟

ومتى يدركون أن الصوت مقتحمٌ نزِق لا يمكن دفعه أو اجتنابه, وأن من واجب الجار تقديس خصوصية جاره؟

كيف يدرك الناس أن ما يعجبك من السماع ليس بالضرورة محبباً لدى الآخرين؟ وإن يكن محببا, فهل هذه الطريقة المثلى لإيصاله, كالقرآن مثلا, ونحوه؟