ما حاجة المغرب المترامي الأطراف إلى دولة الصهاينة التي تغتصب حقوق العرب جميعهم؟ ولماذا ينتظر وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة زيارات مهمة لمسؤولين إسرائيليين، بينهم وزير الحرب الصهيوني ووزير الاقتصاد؟ هل الشعب العربي المغربي الذي يعيش في أقصى شمال غرب القارة الإفريقية، وتُسفّعُ شمس البحر المتوسط أهله، وهم يصطادون الكرامة والمنعة على شواطئ الأطلسي، هل هذا الشعب المغربي العزيز بحاجة إلى زيارة وزيري الحرب والاقتصاد الصهيونيين؟ وماذا سيقدم هؤلاء الأعداء للمغرب الذي يبتعد بموقعه الجغرافي عن دولة العدو الإسرائيلي مسافة 4 آلاف كيلو متر مربع، وفي موقع تاريخي وإنساني يتناقض مع وجود الدولة الصهيونية ذاتها؟
أسئلة لا يطرحها الفلسطيني الذي يقتل ويسجن ويعذب يوميًا بأوامر من وزير الحرب الصهيوني، وإنما أسئلة يطرحها كل عربي ومسلم وإنسان يسمع عن تذلل المغرب العربي لأعداء الأمة، وتقربه من الصندوق الأسود الذي تحشوه الأحقاد التاريخية بالتآمر والدسائس على كل العرب، إذ كيف تسمح مكانة المغرب التاريخية والحضارية والإنسانية والمجتمعية أن تلتقي مع الأكاذيب الإسرائيلية؟ فالشعوب العظيمة ترفض أن تكون جزءًا من الدسائس الدنية! فكيف ببلاد المغرب العربي التي يسكنها أكثر من 37 مليون إنسان، أصحاب عقيدة وكرامة ونخوة، كيف بهم يتقربون لمن هم أقل منهم شأنًا ومكانة؟ فسكان المغرب يمثلون خمسة أضعاف الصهاينة الذين اغتصبوا فلسطين، ويحملون في صدورهم خمسين ضعفًا من احتقار المحتلين، ورفض الظلم التاريخي الواقع على رأس الفلسطينيين.
ويبقى السؤال مطروحًا على الحكومة المغربية وعلى ملك المغرب: لماذا تتقربون من عدو الأمة؟ ألستم عربًا، وتمثلون قلب الأمة النابض وفاءً لعقيدتكم؟ فلماذا تتلهفون على لقائهم، وتصفقون وترقصون لزيارتهم، ويعلن وزير الخارجية المغربي أنه بشوق للقاء وزير الاقتصاد ووزير الحرب الإسرائيلي؟ ماذا يحمل وزير الحرب لكم غير السكاكين التي ذبح فيها حي المغاربة العربي في القدس سنة 67، وأقام على أنقاضه ما يطلقون عليه كذبًا (ساحة حائط المبكى)؟ فهل مثل هؤلاء القتلة والإرهابيين جديرون باللقاء؟ وهل يستحقون منكم الاستقبال والتعاون والمشاركة وتبادل الخبرات والثروات؟
الجواب يلمع مع ضوء الشمس على قبة الصخرة المشرفة في المسجد الأُقصى، التي تصرخ وجعًا وحزنًا من خذلان الأنظمة العربية، وهي تئن، وتتساءل: هل حرر ملك المغرب مدينة القدس من الاحتلال الإسرائيلي -بصفته رئيس لجنة القدس- لتستقبل حكومته الإسرائيليين بهذه الحفاوة؟ أم هل صار رئيس لجنة القدس مقتنعًا ببقاء القدس والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة تحت السيطرة الإسرائيلية؟ وفي هذه الحالة يكون ملك المغرب قد استسلم للأمر الواقع، وفتح أبواب المغرب ومواردها للوفود الإسرائيلية! وإذا كان ذلك كذلك، فإننا نطالب ملك المغرب بالاستقالة من رئاسة لجنة القدس، وترك المهمة المقدسة لمن يقدر على حملها، ويعمل على تحرير المقدسات، لا لمن يقيم العلاقات الدبلوماسية، ويطبع مع منتهكي الحرمات.
ننتظر من الشعب المغربي العظيم -الذي انخرط شبابه في جيش المتطوعين العرب دفاعًا عن فلسطين سنة 1948، وقدم عشرات الشهداء- ننتظر من هذا الشعب العربي الأصيل أن يرفض هذه الزيارات المزيفة، التي لن تأخذ بيد بالمغرب إلى بر السلامة، فهؤلاء الأعداء ما دخلوا قرية إلا وأفسدوها، وما أقاموا علاقة مع مجتمع إلا ونخروا مكوناته بسوس الفتنة والفساد، وقد دللت تجارب الشعوب أن من دنا منهم فقد نأى ببلاده عن الأمن والاستقرار، وحكومة المغرب ليست استثناء، وإذا كانت تحسب أن زيارة وزير الحرب الصهيوني ستقدم لهم الدعم العسكري والتكنولوجي؛ وأنها ستنصرهم على جيرانهم الجزائريين، فبئس هكذا حسابات وتفكير، فالعدو الذي يستعد لذبح الجزائر والتآمر على شعبها، هو نفسه الذي يخطط لتدمير المغرب، وسحق مقدرات شعبها، وهذه هي مهمة وزارة الحرب الصهيونية، التي تخطط لإثارة الفتن في بلاد العرب، في الوقت الذي يخطط فيه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة لكيفية استقبال القتلة كأبطال، وهو يفرش لهم أرض المغرب بالورد المغمس بدماء العرب الفلسطينيين.