حذر مراقبون اقتصاديون، من محاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلي استغلال الفجوة الاقتصادية التي تعانيها الضفة الغربية، في فرض إملاءات ووقائع سياسية وأمنية.
وأشاروا إلى أن الأطروحات الإسرائيلية في هذا الصدد قد توحي في الوهلة الأولى بأنها تسهيلات اقتصادية هامة، غير أنها على المدى المتوسط والبعيد سيتضح أنها لن تصنع اقتصادًا قويًّا، وهي ثمن للصمت عن الحقوق الوطنية المشروعة.
وكان زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان صرح في وقت سابق بأن "التعاون الأمني مع السلطة الفلسطينية هو مصلحة مشتركة، والاستقرار الاقتصادي في الضفة الغربية مصلحة أمنية إسرائيلية.
واعتبر الاختصاصي الاقتصادي د. نصر عبد الكريم، أن طرح ليبرمان مرادفاً لما كان يُروج له رئيس حكومة الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو حول "السلام الاقتصادي مع الفلسطينيين"، وأيضاً تساوقاً مع خطة جاريد كوشنر "مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب" الداعي لمشاريع اقتصادية تنموية للفلسطينيين.
وأشار عبد الكريم لصحيفة "فلسطين" إلى أن التسهيلات الاقتصادية الإسرائيلية المرتقبة، قد تبدو للوهلة الأولى مهمة وينبهر بها الفلسطينيون، لكن على المدى المتوسط والطويل لن تحل الأزمة الاقتصادية والسياسة الفلسطينية، وستعود السلطة إلى مربع الصفر.
وربط الاختصاصي الاقتصادي بين طرح ليبرمان ومحاولة الاحتلال امتصاص الغضب الشعبي الفلسطيني عقب إعادته اعتقال أربعة أسرى حرروا أنفسهم من سجن جلبوع واستمرار أعمال الاحتلال بمطاردة اثنين آخرين، مشيراً إلى أن الاحتلال يدرك أن غزة لن تصمت إزاء ما تتعرض له الضفة الغربية والقدس المحتلة، استناداً إلى إطلاق المقاومة بغزة صواريخها وقذائفها تجاه المناطق الإسرائيلية.
ونبه عبد الكريم إلى أهمية إدراك أن بقاء مفاتيح الاقتصاد الفلسطيني بيد الاحتلال لن يحدث انتعاشاً اقتصادياً في مناطق السلطة، "فالاحتلال ليس جمعية خيرية يعطي دون مقابل".
ولفت عبد الكريم أن الطرح الإسرائيلي يهدف إلى إشغال الفلسطينيين عن مطلبهم بدولة فلسطينية ذات سيادة، وجعلهم يعيشون داخل كيانات متجزئة منزوعة السيادة والتواصل مع العالم الخارجي.
ومن صور التسهيلات المتوقع أن تقدمها سلطات الاحتلال للضفة الغربية -حسب عبد الكريم-، زيادة أعداد العمال في الداخل المحتل، وإجراء تعديلات إيجابية على الصادرات والواردات الفلسطينية، وخفض خصومات أموال المقاصة، وتوجيه الدول المانحة بمن فيهم واشنطن لرفد الخزينة العامة للسلطة، وتنفيذ مشاريع اقتصادية متنوعة.
من جانبه أكد الاختصاصي الاقتصادي د. نور أبو الرب، أن حكومة الاحتلال منذ عامين تقريباً وهي تطبق مثل هذه الخطة أو الطرح، فهي تقدم تسهيلات اقتصادية معيشية في الضفة الغربية على المعابر وتفتح المجال للعمل في الداخل المحتل.
وأضاف أبو الرب لصحيفة "فلسطين" أن الحديث عن هذه الأطروحات أو الخطط الاقتصادية للإعلام فقط، لأن الواقع على الأرض مخالف تماما، فسلطات الاحتلال كل يوم تصادر أراضي زراعية، وتعوق على المزارعين الوصول إلى أراضيهم، وتعرقل الصادرات والواردات الفلسطينية، كما أنها تمنع الفلسطينيين من الاستثمار في المناطق المصنفة (ج)، فضلاً عن ذلك فإنها تسعى جاهدة للتضييق على التدفقات المالية من الضفة الغربية وإليها، في محاولة منها لجعل السوق الفلسطيني تابعاً للاقتصاد الإسرائيلي.
يجدر الإشارة إلى أن وضع الضفة الغربية الاقتصادي يشهد تراجعاً في العامين الأخيرين عقب تداعيات جائحة كورونا، وقرصنة سلطات الاحتلال أموال المقاصة، وتراجع في الدعم الدولي لخزينة السلطة.