28 عامًا على مسار أوسلو الكارثي، ذلك المسار الذي أعطى الكيان الصهيوني كل ما كان يطلبه ويحلم به: الاعتراف بأحقية الوجود وضمان الأمن والحماية.
في الوقت نفسه تنازل هذا المسار عن الأهداف الفلسطينية العليا: التحرير والعودة وإقامة الدولة، وقبول تقسيم الأولويات والتفاوض على الحقوق الثابتة فلسطينيًّا والمعروفة دوليًّا.
لقد انساقت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية نحو أهداف بعيدة عن رؤية ومصالح الشعب الفلسطيني: قبلت الاحتلال والاستيطان، وتحولت إلى إدارة حكم ذاتي محدود، وأصبحت السلطة الفلسطينية وكيلة أمنية تقدم خدمات أمنية دائمة للاحتلال، وأزاحت عن الكيان الصهيوني عبء إدارة الحياة اليومية للمجتمع الفلسطيني.
في الوقت نفسه حاربت السلطة الفلسطينية المقاومة، وجرمت المقاومين، ووصفت المقاومة بالإرهاب، وأغلقت كل مؤسسة لها علاقة بالمقاومة، وقمعت الحريات، وصادرت الآراء.
خلال 28 عامًا ارتكبت السلطة الفلسطينية الكثير من الجرائم تحت ستار أوسلو، أصبح أوسلو هو الفكر والمعتقد، هو الرؤية والإستراتيجية، هو البرنامج الوطني عند هذا الفريق.
لقد اشترطت السلطة الفلسطينية من أجل الشراكة الوطنية وإنجاح الحوارات الداخلية والاعتراف بالشريك الفلسطيني الآخر، وقبول مشاركة أهم مكونات الشعب الفلسطيني التي تمثله سياسيًّا: الاعتراف بأوسلو والاتفاقيات الموقعة، ونبذ العنف، والالتزام بالقرارات الدولية.
أصبحت شروط الاحتلال هي نفسها شروط العمل الوطني الفلسطيني عند هذا الفريق، الذي استمر في الرهان على المفاوضات والتسوية، ووقف عاجزًا وأحيانًا كثيرة شريكًا ومتواطئًا في كل انتقاص من الحقوق الفلسطينية أو اعتداء على الفلسطينيين، من مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات إلى الاعتداء على القدس والأقصى، والاعتداءات على غزة، والاعتقالات في الضفة، وصفقة القرن، والتفريط بالحقوق.
ظلت السلطة متمسكة بالتفاوض مع الاحتلال رغم جمود التسوية: توقفت المفاوضات الجدية منذ مقتل رابين، 7 رؤساء حكومات إسرائيلية تغيروا منذ أوسلو إلى اليوم ولم تتبدل الرؤية الإسرائيلية، وظيفة أوسلو انتهت، السلطة باقية بقرار إسرائيلي وحماية الاحتلال لتنفيذ مصالح أمنية وإزاحة عبء السكان عن كاهل الاحتلال.
كل رؤساء الحكومات الإسرائيلية السابقين رفضوا إحياء أوسلو أو إعادته لصيغته الأولى.
وحده محمود عباس، والفريق المرتبط بالاحتلال لا يزالان ينتظران.
رغم كل الجهود التي بذلتها حماس والقوى الوطنية الفلسطينية، ورغم وضوح توجهات الشعب الفلسطيني، ورغم استطلاعات الرأي، ورغم ما قدمته حماس من تنازلات كبيرة لإنجاح العمل الوطني الفلسطيني، ورغم ... ورغم ... لا تزال السلطة الفلسطينية ترفض تحقيق أي إنجاز في المصالحة الداخلية، أو خطو خطوة واحدة للانعتاق من الاحتلال.
بعد 28 عامًا السلطة الفلسطينية في مكان، والشعب الفلسطيني وقواه الأساسية والمقاومة في مكان آخر.
لا يوجد أمس ولا اليوم ولا غدًا أي مستقبل للتسوية، ولا عودة للمفاوضات.
السلطة تنتظر والقضية الفلسطينية تخسر وتخسر، رغم كل ما قدمه الشعب الفلسطيني وقدمته المقاومة وقدمه المقاومون من إنجاز طوال السنوات الماضية، يكفي تصاعد مسار المقاومة في غزة والضفة.
هناك مسار ينحدر، وهو مسار أوسلو، ومسار صاعد هو مسار المقاومة والوحدة الوطنية، حيث لن يكون هناك مكان لهذه السلطة التي ارتبطت بالاحتلال.