فلسطين أون لاين

تقرير انسحاب السلطة من اتفاق المنحة القطرية إمعانٌ في السياسة العقابية لغزة

...
صورة أرشيفية
غزة/ رامي رمانة:

يأتي انسحاب السلطة الفلسطينية من اتفاق تحويل دفعة الموظفين من أموال المنحة القطرية إمعانًا في سياسة العُقوبات الاقتصادية التي تنتهجها السلطة ضد قطاع غزة، وإزاء ذلك لا بد من أن تتخذ لجنة متابعة العمل الحكومي بغزة خطوات جريئة لوقف هذا التغول.

فالواضح -كما يرى مراقبون اقتصاديون- أن السلطة تريد أن تكون الطرف الوحيد والمخول في ملف المنحة القطرية في محاولة لتسجيل صورة أمام الشارع بأنها جزء من الحالة الاقتصادية التي تساهم في تخفيف الأوضاع الاقتصادية بغزة، ولكن في الوقت ذاته قد يكون للسلطة هدف غير معلن من هذه المماطلة يتمثل بالسعي للحصول على مكتسبات اقتصادية أكبر عبر الضغط على قطر لتأمين جزء من رواتب الموظفين التابعين لها أسوة بموظفي حكومة غزة.

وكان أعلن رئيس اللجنة القطرية لإعمار غزة السفير محمد العمادي في بيان الجمعة الماضية "تراجع" السلطة الفلسطينية عن "تفاهمات" حول صرف جزء من المنحة القطرية عبر بنوكها لموظفي الحكومة في قطاع غزة رغم التفاهمات الأخيرة، وأن مبررات السلطة للتراجع تمثلت في المخاوف من الملاحقات القانونية وتوجيه الاتهامات للبنوك بدعم الإرهاب.

وأكد العمادي في هذا الصدد قيام قطر بتحويل الأموال للسلطة تمهيدًا للبدء في عملية الصرف في الأيام المقبلة، وشدد على أن اللجنة القطرية تعمل حاليًّا على حل الإشكالية وإيجاد طريقة بديلة لصرف منحة موظفي غزة دون مزيد من التفاصيل.

ويؤكد الاختصاصي الاقتصادي د. أسامة نوفل، أن السلطة الفلسطينية تقف عائقًا أمام أي انفراجات اقتصادية عن قطاع غزة، وفي ذلك معاقبة لسكان القطاع هو أمر مخالف للأنظمة والقوانين.

وبين نوفل في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن تصريحات السلطة الفلسطينية متناقضة في موضوع المنحة القطرية، إذ إنها تظهر أنها تواجه ضغوطات دولية تحول دون موافقتها على نقل الأموال القطرية لغزة، وهو ما يفنده مسؤولون في الأمم المتحدة بالقول بأنهم يطلبون من السلطة الموافقة على ذلك الأمر وهي ترفض، مشيرًا إلى أن السلطة إن استمرت في ذلك فإنها ستعرض نفسها للتجاهل العربي والدولي.

كما لفت نوفل إلى تناقض في تصريحات قيادات السلطة حول ملف المنحة القطرية،" ففي الوقت الذي يظهر قيادي يؤكد موافقة السلطة يخرج آخر وينفي، وهذا يفسر بأنه تناقض في المواقف أو ربما تبادل في الأدوار العقابية" يقول.

وأوصى الاختصاصي نوفل لجنة متابعة العمل الحكومي بغزة بأن تتخذ خطوات جريئة لوضع حد لتصرفات السلطة غير القانونية بحق قطاع غزة، من هذه التوصيات توسيع حجم تعاملاتها التجارية مع مصر عبر بوابة صلاح الدين، بهدف تقليص الإيراد المالي الذي تجنيه السلطة من بضائع غزة عبر معبر كرم أبو سالم التجاري، أيضًا يقترح بأن تلزم متابعة العمل الحكومي الشركات الكبرى، والمصارف، وشركات الاتصالات دفعَ ضرائبها لقطاع غزة بدلًا من رام الله.

ويربط الاختصاصي نوفل بين رفض السلطة تحويل أموال المنحة القطرية مع ما صرح به السفير القطري محمد العمادي مؤخرًا بأن أموال المنحة القطرية المخصصة لإعادة الإعمار ستوجه مباشرة للمتضررين وهو يُعد قطعَ الطريق على محاولات السلطة للاستفادة من جزء من هذه الأموال بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

من جهته أكد الاختصاصي الاقتصادي خالد أبو عامر أن المنحة القطرية لا شك أنها تعمل على زيادة السيولة النقدية، وما يترتب على ذلك من انتعاش في الإنتاج ومن ثم حركة في النشاط الاقتصادي.

وقال أبو عامر لصحيفة "فلسطين": سيكون لقرار إعاقة وصول منحة الموظفين انعكاس على حياة آلاف الموظفين الذين ينتظرون منذ 4 أشهر، كما سيزيد هذا من حالة الضغط على حكومة غزة التي لا تغطي إيراداتها الداخلية سوى صرف 50% من رواتب الموظفين، هذا علاوة على الضغط الذي سينتقل إلى البنوك التي ستبقى مستمرة في سياسة خصم المرابحات والقروض الخاصة بالموظفين.

وأضاف أبو عامر: إن إحدى المشكلات التي سيتسبب بها وقف منحة الموظفين تراجع النقد الأجنبي، إذ تشهد غزة نقصًا حادًّا في عملة الدولار، التي توفر المنحة جزءًا منه، ما سينعكس على سياسة الائتمان المالي بوقف المرابحات بعملة الدولار وتحويلها للشيقل، كما سيتأثر قطاع التجارة الخارجية بنقص الدولار من السوق حيث تلزم سلطات الاحتلال بالاستيراد فقط بعملة الدولار.

وأشار أبو عامر إلى أن السلطة تسعى بشكل أكبر لتعود لملف المفاوضات المتعلقة في مرحلة ما بعد حرب غزة الأخيرة، باستحواذها على ملف الإعمار والمشاريع التي ستأتي عبر الدول المانحة، مستغلة وجود موقف أمريكي ودولي يرفض أن تكون حماس طرفًا مباشرًا في هذه العملية.

وكان العمادي أعلن الأسبوع الماضي التوصل لاتفاق مع السلطة الفلسطينية حول آلية لصرف المنحة القطرية، ومن بينها لموظفي حكومة غزة عبر البنوك المعتمدة لدى السلطة الفلسطينية وبإشراف الأمم المتحدة.

وتبلغ المنحة القطرية التي توقفت منذ ثلاثة أشهر بسبب عدوان الاحتلال في أيار/مايو، 30 مليون دولار شهريًّا، وهي موزعة بين 10 ملايين لكهرباء القطاع، و10 ملايين لبرامج التشغيل المؤقت، في حين تصرف البقية لنحو مئة ألف عائلة فقيرة، بما يشمل موظفين من حكومة غزة.