هل نحن على مفترق طريق؟ أعني هل باتت غزة على مفترق طريق بعد مبالغة الاحتلال في التنكيل بالأسرى على خلفية الأسرى الستة الذين تمكنوا من تحرير أنفسهم رغم أنف إدارة السجن؟
قصص الانتقام والتنكيل بالأسرى ترويها رسائل الأسرى، والصحف، والوكالات الوطنية المهتمة. القصص كثيرة ومسكونة بروح الانتقام، وقد واجه الأسرى عمليات الانتقام بإحراق خيامهم في سجن النقب، وهو الإجراء الصعب الذي يلجأ إليه الأسرى عادة بعد نفاد آليات المقاومة والصبر. الإحراق يعبر عن روح تحدٍّ جماعية، ولكنه يجلب على الأسرى مزيدا من عمليات التنكيل، ولا يلجأ الأسرى لذلك إلا بعد أن يبلغ السيل الزبا، وتنفد كل طاقات الأسرى على الصبر.
فصائل المقاومة كلها أعلنت تضامنها مع الحركة الأسيرة، وأعلنت عن جاهزية للعمل المشترك ضد المحتل، وهذه الجاهزية ستجد طريقها للميدان لا سيما في غزة إذا ما أعلنت الحركة الأسيرة إضرابًا واسع النطاق ضد قمع وتنكيل إدارة السجون.
عندما بالغ الاحتلال في انتهاك حرمة المسجد الأقصى، وطرد السكان من الشيخ جراح، حذرت المقاومة في غزة من مغبة هذه الأعمال المستفزة، وحذرت حماس حكومة الاحتلال على لسان محمد الضيف، والناطق العسكري، ولكن أهمل الاحتلال هذه التحذيرات، ولم يأخذها مأخذ الجد، فكانت معركة (سيف القدس)، وبعدها خفف الاحتلال من عمليات اقتحام الأقصى، ومن الإصرار على طرد الفلسطينيين من الشيخ جراح.
الآن نحن -فيما يبدو لي- على مفترق طريق مماثل، الاحتلال يبالغ في التنكيل بالأسرى، والأسرى ذاهبون -فيما يبدو- لإضراب شامل في السجون، ورسائلهم تخاطب المجتمع الدولي بالتدخل والمساعدة، والفصائل تدعو المجتمع الدولي للتدخل وحماية الأسرى بحسب مقتضيات القانون الدولي، وفي الوقت نفسه تحذر المقاومة الاحتلال بقولها: إن الأسرى خط وطني أحمر لا يمكن تركهم وحدهم في مواجهة إدارة السجن، ولن تقف المقاومة تتفرج على معاناة الأسرى.
هذه الرسائل المتتالية دفعتنا لأن نقول في مطلع المقال: هل غزة على مفترق طريق، بين مزيد من الصبر وإدارة الملف سياسيا وإعلاميا، أم هي ذاهبة لمعركة شرسة واسعة النطاق مع المحتل بسبب الأسرى؟
الإجابة في نظري لا تملكها القراءة الاستشرافية، وإنما تملكها تصرفات الاحتلال وإدارات السجون، ومن يملك أوراق الإجابة تقع عليه مسؤوليات أكبر إذا ما تدحرجت الأمور، وانهارت التهدئة.