فلسطين أون لاين

"الحقيبة السوداء" تحكي مرارة اجتياز الفلسطينيِّ الحواجزَ الإسرائيلية

...
صورة أرشيفية
القدس-غزة/ مريم الشوبكي:

يضطر آلاف الفلسطينيين يوميًّا إلى اجتياز الحواجز الإسرائيلية من أجل التنقل بين مدنهم، وقد ألهمت المعاناة اليومية أريج الأشهب بتصميم "شنطة الحاجز" بطريقة ديناميكية وعملية تتلاءم مع طبيعة الحياة الفلسطينية تحت الاحتلال لا سيما لفئة الشباب وطلبة الجامعات.

تمتاز الحقيبة التي أطلقت عليها "الشنطة السوداء" بسهولة حملها بعدة طرق، وفيها جيوب بأحجام متعددة، ويمكن فتحها بطرق مختلفة تمكن مستخدمها من إخراج الهوية والأوراق بسهولة، وإيجاد المفاتيح، والهاتف، والمحفظة دون عناء.

وأريج مقدسية من بلدة بيت حنينا تعمل مهندسة معمارية لدى شركة تُعنى بتصميم الحقائب، وراودتها الفكرة قبل خمس سنوات حين شاركت في ورشة فنية لمصممين ومصممات فلسطينيين من الخارج لمدة ثلاثة أسابيع.

تقول أريج لـ"فلسطين": "في الورشة طلب منا الخروج بفكرة تعبر عن حياتنا اليومية، فعلى الفور خطرت ببالي فكرة الحقيبة السوداء أو الكيس الأسود لتسهيل عملية التنقل بين الحواجز الإسرائيلية وتمكن حاملها من الوصول إلى الأغراض الشخصية بسرعة".

ومنذ ذلك الحين طورت أريج، التي تمتلك الآن العلامة التجارية، العديد من التصميمات.

وتضيف: "في التصميم الأولي كانت الحقيبة تحتوي على ثلاثة جيوب بأحجام مختلفة، للأوراق الشخصية والحاسوب المحمول والكتب الدراسية".

وأرادت أريج وضع لمسة تؤكد لجنود الاحتلال على الحاجز تمسك الفلسطيني بأرضه، فوضعت ثلاث قطع حديدية مخفية تظهر تحت الأشعة السينية تعطي مجتمعة شكل مفاتيح العودة.

وتشير أريج إلى أنها على مدار الخمس سنوات عملت على تطوير الفكرة لتتلاءم مع طبيعة الحياة في فلسطين وتعرض الناس للتفتيش اليومي على الحواجز، واضطرارهم إلى حمل أغراض كثيرة خوفًا من الإغلاقات، لذا يحتاجون إلى حقيبة ظهر تمكنهم من حملها دون بذل جهد كبير.

تحرير الشنطة

وتتابع: "بالنسبة إلي بدي أحرر الحقيبة من تجربة الحاجز ومرارة الاحتلال، وأحولها لتصميم بيحكي عن الحق بحرية الحركة في فلسطين".

وحجم الحقيبة (40*30)، وفي البداية عملت على ترويجها خارج فلسطين، بدافع توعية الرأي العام الدولي بما يواجهه الفلسطيني من معاناة على الحواجز الإسرائيلية يوميًا، "وليتعرف الغرب أكثر على طبيعة الحياة التي نعيشها تحت الاحتلال".

وتلفت أريج إلى أنها بدأت مؤخرا ترويجها داخل فلسطين المحتلة، مركزة على فئة الشباب لأنها تناسب احتياجاتهم ونمط حياتهم الديناميكي.

أريج من عمارة البيوت إلى تصميم الحقائب، كيف ذلك؟ تجيب: "التصميم والهندسة المعمارية مجال واحد، وتجربة المرور بالعديد من الحواجز للوصول إلى العمل أو المدرسة أو الجامعة أو حتى زيارة قريب، تجعل الحياة صعبة للغاية وتستنزف وقتًا كبيرًا من الفلسطيني، أما المعماري فوظيفته ليست بناء البيوت فقط، وإنما عليه أن يكون حساسًا للبيئة من حوله ويبتكر أفكارًا تسهل على الناس حياتهم".

وتكشف أنها تعكف على تطوير تصميم الحقيبة لتمكن حامليها من وضعها على الخصر، مشيرة إلى أنها استلهمت الفكرة من الحقيبة التي يرتديها عمال الإنشاءات ويضعون فيها أدواتهم.

وتُباع شنطة الحاجز حالياً على الإنترنت على موقع صفحة "ذا بلاك ساك" على موقع إنستجرام، مقابل 600 شيقل إسرائيلي (200 دولار) للواحدة.

أما عن سعر الحقيبة ومدى مناسبته لشرائح المجتمع المختلفة، فتقر أريج بارتفاع السعر "نوعا ما، لأن عملية التصنيع تتم في مدينة الخليل، والحقيبة تصنع من جلد طبيعي وبطريقة يدوية، لذا تمتاز بجودة عالية تمكنها من تحمل ظروف البيئة وعوامل الزمن".

وتتابع: "التحدي الذي أعمل على تخطيه هو جعل السعر في متناول الجميع والمحافظة على جودتها العالية".

600 حاجز عسكري

وتطمح أريج بالاستمرار في تصميم الحقائب وإنشاء خط إنتاج يحمل اسمها في الداخل والخارج.

ووثق تقرير "مسح الإغلاق الشامل" الصادر عن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "أوتشا" في المدة الواقعة بين شهريْ يناير/ كانون الآخِر، وفبراير/ شباط 2020، أن عدد العوائق الدائمة الثابتة (الحواجز، والسواتر الترابية، وبوابات الطرق وغيرها) بلغ 593 عائقًا، تقطع أوصال القرى والبلدات والمخيمات والمدن الفلسطينية، وتُكبد الفلسطينيين الملايين سنوياً، بدل ساعات الالتفاف، ووقودا وقهرا وتنكيلا.

وأكّد المسح وجود اتجاه، لوحظ على مدى السنوات القليلة الماضية، حيث غدت العوائق الثابتة، مثل متاريس الطرق والسواتر الترابية، تُستبدل بعوائق يسميها جيش الاحتلال "مرنة"، كالحواجز الجزئية وبوابات الطرق التي تظل مفتوحة في معظم الأحوال، ولكن يمكن إغلاقها في أي وقت من الأوقات. وبين الفينة والأخرى، يتمركز أفراد قوات الاحتلال على الحواجز الجزئية أو في برج، وليس على الأرض.

وحدد المسح وجود ما مجموعه 108 من هذه الحواجز، التي ارتفع عددها من 73 حاجزًا في المسح السابق.