حذر حقوقيون وسياسيون من خطر "اتفاق الإطار" الذي وقّعته وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" مع الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدين أنها تهدف إلى تصفية قضية اللاجئين من خلال شروط خطِرة ومذلة، وإلغاء دور الوكالة الأممية.
جاء ذلك في جلسة نقاش عقدها مجلس العلاقات الدولية- فلسطين، اليوم، في مدينة غزة، بعنوان "أونروا بين الأزمة المالية والضغوط السياسية"، معتبرين أن "اتفاق الإطار" جزء من مسلسل إنهاء قضية اللاجئين الذي تسعى لتحقيقه الولايات المتحدة مع الاحتلال الإسرائيلي منذ سنين.
ونبهت رئيسة لجنة الرقابة وحقوق الإنسان بالمجلس التشريعي النائب هدى نعيم إلى وجود اختراق لإدارة "أونروا" وتساوق مع مطالب الاحتلال المباشرة، داعية الوكالة الأممية إلى التحلل الكامل من الاتفاق، بسبب اشتراط الولايات المتحدة اشتراطات تمس العقيدة الفلسطينية.
وطالبت نعيم في كلمة لها خلال الجلسة بتحشيد الرأي الدولي، وتنفيذ فعاليات شعبية وإعلاء الصوت الفلسطيني الرافض لهذه الاتفاقية، ومطالبة المانحين المشاركين في المؤتمر الذي ستعقده "أونروا" الشهر المقبل بالبحث عن آليات لتمويل مستدام وغير مشروط.
وقالت إنه لا يمكن إنكار دور "أونروا" في مساعدة اللاجئين على مدار تاريخ القضية الفلسطينية، لكن يجب على أبناء الشعب الفلسطيني ألا يجعلوا مثل هذه الاتفاقيات تمر مرور الكرام، خاصة أنها تُطرح كنوع من الابتزاز المالي والسياسي الذي يسعى لحرف بوصلة عمل الوكالة الأممية وتجاوز صلاحيتها في الأراضي الفلسطينية.
ولفتت نعيم إلى أن كثيرًا من بنود "اتفاق الإطار" تهدد معركة الوعي والهوية الخاصة بالفلسطينيين، وأن سياسات "أونروا" التي تُطرح كـ"مسميات الحيادية والنزاهة والاستقلالية" تخنق موظفيها وتمنعهم حرية الرأي والتعبير.
واعتبرت إنهاء عمل "أونروا" أمرًا خطِرًا، وأن المجتمع الدولي غير مستعد لمثل هذا السيناريو، محذرة من التوجهات الخطِرة ضد القضية الفلسطينية، بالعبث بالهوية وثقافة الجيل الفلسطيني.
عداء أمريكي
وأكد منسق لجنة القوى الوطنية والإسلامية خالد البطش أن "اتفاق الإطار" مخالف لسياسات الأمم المتحدة، وأنه في حال عرضه على مؤسساتها فسيتم رفضه وإسقاطه، إذ إن الاتفاق يذهب إلى إلغاء دور "أونروا" وتحويله إلى مفوضية اللاجئين، ما يعني إلغاء البعد السياسي لقضية اللاجئين الفلسطينيين، والقضاء على حق العودة.
وقال البطش في كلمة له خلال الجلسة: إن هناك عداء أمريكيًّا واضحًا لحق العودة، ومحاولات لإسقاطه، وإن الشعب الفلسطيني مطالب بإسقاط "اتفاق الإطار" ومنع تكرار تجديده، مطالبًا بتوحيد الموقف الوطني للتصدي للاتفاق، ومخاطبة "أونروا" بأنه جريمة ترتكب بحق كل فلسطيني، ومحاولة لإخراجه من الصراع وتحويله إلى حالة إنسانية ليس لها قضية.
ونبه إلى وجود إجماع وطني للتصدي للاتفاقية ورفضها، مشددا على أهمية الحفاظ على دور "أونروا" كمؤسسة تقدم خدمات للاجئين.
وأكد مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان جميل سرحان أن بنود "اتفاق الإطار" تخالف مبادئ الاستقلالية أو الحيادية التي تتبناها "أونروا"، وتحول الوكالة الأممية إلى وكالةٍ تابعة للاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية.
وأضاف سرحان في كلمة له أن الاتفاقية تتضمن بنودًا تُلزم "أونروا" بالتحقيق مع شخصيات تعمل لديها أو بعض الأماكن التي تتواجد فيها، واستخدام صفة حيادها استخدامًا خطِرًا، موضحًا أن الحياد في القضية الفلسطينية هو الوقوف إلى جانب الضحية وليس الوقوف متفرجا بين الشعب الفلسطيني والاحتلال.
وطالب بإلغاء الاتفاقية ومنع تكرار توقيعها، لافتا إلى ضرورة رفض أي تمويل يشكل قيدًا على حرية الشعب الفلسطيني من أي جهة.
حدود المسموح
وأوضح المستشار الإعلامي لـ"أونروا" والمتحدث باسمها عدنان أبو حسنة، أن الوكالة الأممية لا ترى في "اتفاق الإطار" تجاوزًا لحدود المسموح به في مؤسسات الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة ترامب دعمت تصفية "أونروا"، والآن تم تغيير الخطط وأعيد التمويل، وهو ما يمثل أهمية للوكالة التي تدفع الكل باتجاه مؤتمر دولي لتحديد أولويات التمويل، وضمان استدامته.
واعتبر أبو حسنة في حديث لصحيفة "فلسطين" أن ما حدث في الفترة الماضية من استرجاع الدعم الأمريكي ووجود تيار مساند لـ"أونروا" والفلسطينيين مهم جدا، ويجب تعزيزه على الصعيد الدولي.
ولفت إلى أن "أونروا" تعتمد على 97% من تمويلها على ثلاث جهات كبرى، هي الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، ودول وهيئات أخرى، مردفا "لا يوجد تمويل غير مشروط في أي مكان في العالم، واتفاقية الإطار مثلها مثل عشرات الاتفاقيات التي وقعتها أونروا منذ عشرات السنين".