أسرى الحرية انتزعوا حريتهم بأيديهم، وحفروا مرادهم بأظفارهم، ولم يتلقوا مساعدة من أحد. الله وحده هو من ساعدهم ووفقهم للنجاة والظفر بحريتهم. وصدق من قالوا: السجن لا يبنى على حرّ. لو كان أسرى فلسطين عبيدًا ما قاوموا العدو وما دخلوا السجن، ولكن لأنهم أحرار قاوموا ودخلوا السجن، ثم تحرروا من السجن، وهم الآن في كفاح مضنٍ مع التنسيق الأمني، الذي يتربص بهم الدوائر.
الأعمال الانتقامية التي تمارسها إدارات السجون ضد الأسرى بعد فرار الأبطال الستة لن تجدي نفعا، ولن ترمم صورة الفشل الأمني البتة. سجون الاحتلال مُحكَمة البنيان، مهندسة ضد الهرب والفرار، ولكن في جميع الأحوال ثمة نقاط ضعف في العمل البشري، حتى وإن كان باني السجن صهيونيا عريقا في القهر والبحث عن نقاط الضعف لتلافيها، قهرا للفلسطيني؛ سيتغلب الأسرى على أعمال الانتقام والقهر، وسيقف الشعب مع أسراه في مواجهة إدارة السجن.
يقول بعض من يستشرفون المستقبل مستندين إلى بعض الإشارات ذات الدلالة: إن معركة سيف القدس حملت إشارة على إساءة وجوه يهود، بمفهوم ما ورد في سورة بني إسرائيل، وخروج أسرى الحرية من بين يدي الظالم ورغما عن أنفه هي إشارة ثانية على إساءة الوجه. والوجه هنا مجاز عن الكل. وهذا يعني أن إرهاصات انحناء دولة الاحتلال إلى أسفل قد بدأت، وإذا بدأ الانحناء بمعنى التراجع، باتت حركة القادم أسرع في هذا المجال، دون قدرة على وقف التراجع، حتى بإسناد من حبل الناس.
تاريخ الأمم يقول لنا إن الأمم الظالمة تسقط فجأة وعلى غير نظام، وأحسب أن سقوط دولة الاحتلال لن يكون بدعا في التاريخ، بل ستسقط هذه الدولة الظالمة الباغية بلا نظام، ولا أقول في عام كذا أو كذا، ولكن أقول إنه سقوط قريب، وما يجعله أقرب هو عودتنا إلى الله وتمسكنا بحبله المتين. لذا يجدر برجال التنسيق الأمني ألّا يؤخروا فرحتنا بسقوط الاحتلال بإسنادهم له بالبحث عن الأسرى الستة.
الله -سبحانه- ضرب لنا مثلا بهلاك الظالمين، في قصة نوح، وقصة عاد وثمود، وقصة فرعون، وقصة قريش في بدر، ثم في مملكة الفرس، والروم، ولعلنا نكون قريبين من مشاهدة قدر الله في الدولة الأظلم في عصرنا الحديث؛ أعني دولة الاحتلال الصهيوني الاستيطاني.