فلسطين أون لاين

الاحتلال والتفاهمات

يسارع العدو الصهيوني في كل مرة يمكن أن يحدث فيها تصعيد وتسخين بينه وبين قطاع غزة إلى إرسال الوسطاء لاحتواء الموقف، مع تقديم جملة من الوعود لتخفيف الحصار عن القطاع، مثل إدخال المنحة القطرية وإنهاء أزمة الكهرباء وفتح المجال لتشغيل الأيدي العاملة وفتح المعابر وإدخال المواد الخام للمصانع والسماح بتصدير المنتجات بأنواعها، فضلًا عن سلسلة من الوعود والتفاهمات التي يحملها الوسطاء في كل مرة لاحتواء الأوضاع المتدهورة.

وذهب العدو أمام إصرار حركة حماس إلى تحديد مواعيد واضحة لتطبيق التفاهمات التي تعهد بها عبر الوسطاء، وما نلاحظه في كل مرة تنصل العدو من جميع هذه التفاهمات، وخلق المسوغات لذلك في محاولة لتحميل المقاومة مسئولية تفاقم الأوضاع المعيشية الصعبة في القطاع.

من التجربة والواقع أقول إن العدو الصهيوني لا يمكن له أن يرفع الحصار الظالم عن قطاع غزة، بل سيبقى السبب الرئيس أمام تدهور الأوضاع داخل القطاع، وهذا ما عايشناه عيانًا داخل سجون الاحتلال في أثناء الانتفاضة الفلسطينية الأولى، إذ كانت أوضاع الأسرى صعبة، وكان العدو يحرمهم أدنى حقوقهم المشروعة التي نصت عليها جميع الاتفاقات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية جنيف الرابعة، ما حدا بالأسرى إلى إعلان الإضراب عن الطعام لتحقيق مطالبهم العادلة التي صاغها الأسرى بخمسة مطالب رئيسة في حينه، تمثلت بحقوق الأسرى مثل: تحسين شروط زيارات الأهل، والسماح بالزيارات الداخلية بين الأسرى، ومنع التفتيش العاري، وإنهاء القمع للمعتقلين، فضلًا عن توفير المتطلبات الحياتية للأسرى مثل الطعام المناسب وغيره.

فكانت إدارة السجن تجلس مع ممثلي المعتقلين لتوافق بعد عدة أيام على مطلبين أو ثلاثة من المطالب الخمسة، بشرط فك الإضراب عن الطعام، وتعد بتحقيق باقي المطالب خلال شهرين أو ثلاثة من الاتفاق.

وبعد فك الإضراب تبدأ إدارة السجن التنصل من التفاهمات لعدم تحقيق المطالب المؤجلة، وتذهب إلى سحب الحقوق التي حصل عليها المعتقلون تدريجًا خلال الشهور اللاحقة ليعود الأسرى للإضراب من جديد، وتعود المطالب نفسها لترجع التفاهمات السابقة، وهكذا دخلنا السجون الصهيونية وخرجنا ونحن نطالب بالحقوق نفسها.

مما تقدم أقول إن عدونا ماكر مراوغ لا عهد له ولا ميثاق، ولا يمكن له أن يلتزم بأي تفاهمات، لذا لا بد لنا من التمسك بحقوقنا وثوابتنا التي لا تقبل التفاوض أو التنازل، والبدء في مشروع المقاومة بأشكالها المختلفة، لنزع حقوقنا المشروعة التي لا تقبل المساومة، فقديمًا قالوا: إن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.