ما أجمل البالونات في الأعياد والمناسبات! تضفي أجواء من الفرح والبهجة بألوانها ورسوماتها، حتى إنها صارت من شروط الزينة والديكور في الأفراح العامة والخاصة على السواء.
وتشكل البالونات المنفوخة متعة للأطفال لا تضاهى، بل للكبار أحيانًا. ولكن بعيدًا عن أشكالها وألوانها والبهجة التي تتركها لدى الصغار، هناك محاذير لا يجب التغاضي عنها، حفاظًا على صحة أطفالنا.
تتوفر في الأسواق بالونات مصنوعة من مادة اللّاتكس (المطاط). ويتبين عند لمس أو نفخ هذا النوع من البالونات، أنها تركت آثارًا على الأيدي تشبه المسحوق (البودرة). هذه المادة تحمي البالون من الالتصاق، وتغلفه من الداخل والخارج. هذا المسحوق يمكنه أن يلتقط جزيئات اللّاتكس وينقلها إلى أجسام أطفالنا بطريقتين:
الأولى عبر اللّعاب، فأطفالنا عندما يلعبون بالبالونات لا يكتفون عادة بتقاذفها ودفعها في الهواء، بل نراهم أحيانًا يحاولون عضّها أو مضغها أو يجربون نفخها بأنفسهم، عندها يمتزج لعابهم بتلك المادة الصناعية التي تحمل جزيئات المطاط، ويبتلعونها.
الثانية عبر الهواء، فهذا المسحوق اللاقط لجزيئات اللّاتكس يتناثر في هواء الغرفة أو المكان مع حركة البالون، فيستنشقه الصغار والكبار، ويسبب الضرر لمن لديهم حساسية من مادة اللّاتكس. أما الأعراض التي قد تصيب من يتحسس من اللّاتكس فهي الطفح الجلدي على اليدين، الحكة، انتفاخ العينين، سيلان الأنف والعطس. أما من لديهم ربو فيتأثرون أكثر من غيرهم بتلك المادة ويصابون بضيق في التنفس وسعال.
رائحة البالونات
بعد انتهاء الحفلات والمناسبات السعيدة، تترك البالونات في الغرف لمنظرها الجميل، ولا يتم التخلص منها إلا بعد أن تتقلص وتفقد رونقها. ولكن في اليوم التالي تعبق رائحة المطاط في المكان، وهي شبيهة بالرائحة التي تلتصق على اليدين جراء استخدام قفازات المطاط الطبية.
البعض لا تزعجه الرائحة، ولكن البعض الآخر تكون أنوفهم حساسة تجاه الجزيئات الصغيرة جدًا من المطاط المتناثر في جو الغرفة، لكن المشكلة الكبرى تكون عند من لديه حساسية من اللّاتكس. عندها لا بد من التخلص بسرعة من البالونات.
ويستحسن تجنب اقتناء بالونات المطاط، والاستعاضة عنها ببالونات خالية من المطاط والتي باتت متوفرة في الأسواق. كما أن العديد من المؤسسات المنظمة للحفلات، والمستشفيات ودور الرعاية للكبار والمطاعم والعيادات والمراكز الصحية، أصبحت تحظر إدخال بالونات اللّاتكس إلى مراكزها.
مواد مسرطنة في البالونات
وفقًا للمعهد الاتحادي لحماية المستهلك والطب البيطري في ألمانيا، هناك مادة تدخل في صناعة بالونات المطاط وهي N-nitrosamines أن-النيتروزامين، وهي مادة مسممة ومسرطنة للجينات.
وحسب المعهد، فإن التوصيات الصادرة تشير إلى ألَّا تتعدى نسبة تلك المادة 10 ميكروغرامات في الكيلوغرام الواحد من المطاط. ولكن بينت دراسات المعهد أن النسبة تجاوزت 400 ميكروغرام لكل كيلوغرام من المطاط في تصنيع البالونات، ووصلت أحيانًا إلى 1000 ميكروغرام، ما اعتبر انتهاكًا لسلامة الأطفال، وانتهاكًا لشروط تصنيع الألعاب؛ كون البالونات تعتبر من الألعاب. كما أشار إلى مخاطر صحية ومسرطنة للأطفال في مثل تلك الحالات.
وسبق لوزارة الزراعة في ولاية بادن فورتمبورغ الألمانية أن حذرت من خطر البالونات على الأطفال، بعد أن كشف خبراؤها وجود مواد تسبب السرطان فيها. ووجد خبراء الوزارة الصحيين عام 2001 مادة "نيتروزامين" السامة والمتطايرة في عينات من لعاب أطفال وبالغين بعد نفخهم هذه البالونات بالفم، وتوصلوا إلى وجود نسبة مرتفعة من المواد السامة في 13 عينة من أصل 14 عينة تم فحصها، ويمكن لهذه المادة أن تتسرب إلى الهواء مباشرة لتستقر في الرئتين، وهذه خطورة قليلة، أو أن تذوب في اللعاب أثناء نفخ البالون، وهي الخطورة الأساسية.
وأوصى الخبراء بضرورة استخدام أجهزة النفخ بدلًا من الفم عند نفخ البالونات، إلى أن تلتزم شركات صناعة البالونات بالحد الموصي به لنسبة وجود "نيتروزامين" في المادة المطاطية. كما نصحوا الأهل بعدم السماح للأطفال بوضع البالونات غير المنفوخة لفترة طويلة في أفواههم. ونبهوا الشركات المصنعة إلى عدم تعريض البالونات للضوء المباشر لفترة طويلة قبل استخدامها، وحفظها في أماكن غير حارة.
البالونات والألوان
معدن الكروم، أكسيد الزنك، وأكسيد الحديد.. مواد كيماوية تستخدم في تصنيع وتلوين البالونات. فصناعة البالونات تتم على بساطتها من دون رقابة صارمة، كما أنها تستورد على الأغلب من دون التقيد بشروط السلامة وحماية المستهلك.
المعهد العالي للعلوم والتكنولوجيا في فيتنام يشير إلى أن البالونات التي تصنع في البلاد أو تلك المستوردة من الصين تسبب السرطان.
ويوضح أن البالونات المصنوعة من المطاط يضاف إليها الكبريت لمساعدة المطاط على المرونة ومواد صناعية وملونات. ويشير إلى أن الألوان التي تستخدم لتلوين البالونات هي أصباغ صناعية سامة، لا سيما الأحمر والأصفر والأزرق، وتسبب السرطان لأنها تحوي معدن الكروم السام.
خطر الاختناق
في عام 1995 سنت الولايات المتحدة قانونًا لحماية وسلامة الطفل، يلزم إدراج التحذير على البالونات المصنوعة من مادة اللاتكس. وينص التحذير: "خطر الاختناق، يمكن للأطفال دون سن الثماني سنوات التعرض للاختناق من البالونات غير المنفوخة أو قطع البالونات الممزقة، مع ضرورة إشراف الكبار. وترك البالونات قبل نفخها أو بعد تمزقها بعيدًا عن متناول الأطفال".
يعتبر بالون اللاتكس القاتل الأول للأطفال ضمن الوفيات التي تسببها الألعاب عمومًا. فلجنة سلامة المستهلكين في الولايات المتحدة أكدت، استنادًا لأبحاث ودراسات منشورة، أن بالونات اللاتكس لها مخاطر. وتشير إلى أن 11 من بين 13 حالة وفاة لأطفال بسبب الألعاب تعود إلى بالون اللاتكس في عام 1997. وأن 48 وفاة بسبب الألعاب حصلت في 160 بلدًا نتيجة بالونات اللاتكس خلال السنوات السبع الأولى من التسعينيات.