فلسطين أون لاين

​القدس عروس بهيّة رغم أنف الاحتلال

...
القدس المحتلة / غزة - هدى الدلو

شهر رمضان المبارك هو فرصة للمقدسيين، يدخلون به البهجة على أنفسهم وعلى المدينة في كل عام، فينفضون عنها غبار الحزن، ويعملون على إنعاش الأجواء الروحانية في حارات القدس وأزقتها، لتلفت الأنظار ببهجتها وزينتها ولتتألق بحاراتها المزينة بالإضاءات والفوانيس، فتشع منها لغة الفرح والبهجة، بدلًا من الظلام والعتمة اللذين يفرضهما الاحتلال، ومحاولاته لإخماد نورها طيلة أيام العام، وسرقته معالم الفرح والبهجة.

المقدسي عمار سدر أحد مسئولي لجنة التزيين في باب حطة بمدينة القدس يقول لـ"فلسطين": "إن مدينة القدس شهدت أحداثًا صعبة قبل بدء رمضان، وكان من أهمها إضراب الكرامة، والاقتحامات المستمرة للمقدسات، وحالة الإغلاق التي تشهدها المدينة، فتسرق منا البهجة وحالة الفرح التي يضفيها شهر رمضان علينا".

وأضاف: "ومع إجراءات الاحتلال المتواصلة يبقى هناك بصيص أمل بسبب إصرار الشباب المقدسيين على استقبال شهر رمضان المبارك بأبهى صورة"، مشيرًا إلى أن الزينة رمز من رموز القدس، فقد أصبح لها تاريخ كونها صارت جزءًا لا يتجزأ من التراث والتاريخ.

وبين سدر أن شباب كل حارة من حارات القدس يعكفون على الاجتهاد في عرض أفكار جديدة كل عام قبل شهر من استقبال شهر رمضان، فيضفي ذلك صبغة العمل الجماعي على العمل والتفكير على مستوى البلدة القديمة كلها، ولكن كل حارة تعمل على أن تظهر بأبهى صورة وكأنها "عروس" البلدة.

فيحتدم التنافس بين حارة السعدية وباب حطة، والحارات الأخرى، كل منطقة تتولى مهمة تزيين الحي، وفي أثناء ذلك تحاول بلدية الاحتلال أن تفرض زينتها على شوارع وحارات البلدة القديمة من طريق الشركات الإسرائيلية، ولكن أهل البلدة يرفضون الأمر جملة وتفصيلًا؛ فهم أصحاب الحق على هذه الأرض.

جزء تاريخي وإسلامي

ولفت سدر إلى أن باب حطة في كل عام تتميز زينتها بأناقتها وأفكارها المميزة، فتلفت أنظار الجميع، وبصمة زينتها انتشرت في أحياء البلدة القديمة، وتكمن أهميتها في أنها تعزز الانتماء للقدس والمسجد الأقصى لدى الصغار والكبار.

وقال: "فالتزيين بحاجة لفكر وتخطيط وجهد وتعب وسهر وتكاتف، والروح الوحدوية التي تخلق المعجزة في العمل، وهو ما يفضلنا عن الأحياء والحارات الأخرى، خاصة على صعيد إدخال الخشب والبراويز وأسماء الله الحسنى، والإضاءة بالفوانيس الحديدية والهلال والكلمات الدينية، فالمجال لدينا مفتوح في اختيار الأفكار".

ولفت سدر إلى أن الزينة تضفي جوًّا مميزًا في استقبال رمضان، ولها طعم خاص عند الزوار الفلسطينيين من شتى الأراضي، وأنهم يعدونها واجبًا تجاه البلدة القديمة، متابعًا حديثه: "هناك تنافس سياسي من قبل بلدية الاحتلال التي تحاول هي بنفسِها وضع الزينة خارج أسوار البلدة في نهج تهويديّ بهدف تزوير التاريخ، ولتبدو حتى الزينة وأجواء رمضان خاصة بهم، فأصبحت الإنارة لدينا المقدسيين فرضًا سياسيًّا واقعيًّا وواجبًا نؤكد بها أننا أصحاب الأرض".

فالزينة أصبحت تعطي مؤشرات سياسية وثقافية واجتماعية لدى المقدسيين والفلسطينيين، فهي تضفي جوًّا رمضانيًّا وحركة في الشارع المقدسي.

واستكمل سدر حديثه: "فإجراءات الاحتلال تمنع وضع الزينة بحجة أنها تعرقل عمل الكاميرات، وأننا بها نخرب آثار المدينة وحجارتها ومعالمها، فالهجمة مستمرة بكل الاتجاهات".

وختم: "ولكن بعد وضع الزينة تظهر البلدة القديمة للمارة كالعروس بأبهى صورتها، فتختلف اختلافًا كليًّا، فالفرحة والبهجة ترفرفان على قلوب أهلها، وتلمس نظرات السعادة في وجوه المارة، والحركة النوعية على الأرض، وبها نعمل على إيصال رسالة إلى العالم أن القدس إسلامية وباقية رغم أنف الاحتلال".